03-يونيو-2024
مقترح جو بايدن للهدنة والتهدئة والتبادل

(Getty) بن غفير وسموتريتش يهددان بإسقاط الحكومة الإسرائيلية حال التوجه إلى صفقة تبادل

تشتعل الخلافات في إسرائيل حول صفقة التبادل والتهدئة، التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الجمعة، إذ يهدد اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة الإسرائيلية، بينما يحاول بنيامين نتنياهو "المراوغة" في حديثه عن الصفقة.

وبينما رفضت إسرائيل إرسال وفدها للقاهرة من أجل استكمال المفاوضات، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن "التصريحات الأولية لحماس تشير إلى أنها تلقت الخطة بشكل إيجابي وننتظر الآن رد إسرائيل".

قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير: "نتنياهو قبل بإطلاعي على مسودة مقترح صفقة التبادل، لكن 48 ساعة مرت ومنذ ذلك الحين وهو يماطل". مضيفًا: "أقول لنتنياهو ما دامت صفقة التبادل غير سيئة ولا تتضمن إنهاء الحرب فلم تخفيها عني؟".

بعد اقتراح جو بايدن للتهدئة وتبادل الأسرى، خلافات واسعة في إسرائيل وتهديد بإسقاط الحكومة

وتابع بن غفير: "إذا تم التوصل إلى صفقة سيئة تتضمن إنهاء الحرب من دون القضاء على حماس فسنفكك الحكومة"، واستمر في هجومه على مقترح صفقة التبادل بالقول: "خطة الرئيس بايدن تعني إنهاء الحرب دون القضاء على حماس ودون تحقيق أهداف الحرب".

وبالتزامن مع تصريحات بن غفير، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب، قال فيه: "متمسكون بتفكيك حماس وإعادة المخطوفين وهذا جزء من المسار وليس نابعًا من ضغط داخلي"، مضيفًا: "نعمل بطرق لا تنتهي لاستعادة المختطفين وفي غضون ذلك نحافظ على تحقيق أهداف الحرب".

وفي صباح اليوم، كشفت تسريبات نشرتها هيئة البث الرسمية الإسرائيلية، عن نتنياهو قوله إن المرحلة الأولى من الخطة التي تروج لها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة، والتي تنطوي على إطلاق سراح محدود الأسرى من قبل حماس، يمكن تنفيذها دون الاتفاق اللازم على ما سيأتي بعد ذلك.

وبحسب هذه التسريبات، فإن نتنياهو قال خلال جلسة حكومية: "لن أخوض في تفاصيل المقترح لكن ما وصفه الرئيس الأميركي ليس دقيقًا، ومقترح صفقة التبادل يتضمّن تفاصيل أخرى لم يكشف عنها بايدن".

وأوضح نتنياهو: "نستطيع وقف الحرب لـ42 يومًا بهدف استعادة المختطفين لكننا لن نتنازل عن النصر المطلق"، وبحسب التسريبات فإن نتنياهو رفض الإجابة خلال اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست عن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم في الصفقة.

وتعقيبًا على تصريحات نتنياهو، قال مسؤول سياسي في وقت لاحق لـ"يديعوت أحرونوت"، إنه في جلسة لجنة الشؤون الخارجية والأمن، أكد نتنياهو أنه "كما تقرر في حكومة الحرب وفي الخطوط العريضة، فإن إسرائيل لا تلتزم بإنهاء الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها". 

وبحسب المصدر الإسرائيلي، أكد نتنياهو أن "شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير: تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس؛ ⁠أطلقوا سراح جميع الرهائن لدينا؛ للتأكد من أن غزة لن تشكل بعد الآن تهديًدا لإسرائيل".

وأضاف المسؤول "بموجب المخطط، ستصر إسرائيل على أن تنفيذ المرحلة الثانية من المخطط لوقف دائم لإطلاق النار، لن يبدأ إلا بعد التوصل إلى اتفاق بشأن شروط وقف إطلاق النار، في موعد أقصاه اليوم 16 ستبدأ مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين من أجل صياغة اتفاق حول شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق".

وأوضح "كما قرر مجلس الحرب، فإن الخطوط العريضة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالحق في استئناف القتال في أي وقت طالما أن لدى إسرائيل انطباعًا بأن المفاوضات غير مجدية ولا تؤدي إلا إلى كسب الوقت" من حماس.

وفي وقت سابق، نقل مكتب وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت حديثه مجددًا عن "التزام حكومته بتفكيك حماس كسلطة حاكمة وعسكرية في إطار أي اتفاق لإنهاء الحرب في غزة".

وقال بيان وزارة الأمن الإسرائيلية، يوم الإثنين إن غالانت ناقش في مكالمة مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أيضًا "مسألة تحديد وتمكين ظهور بديل حاكم محلي" لحماس.

بدوره، قال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس إن إعادة "الرهائن هي أولوية في الجدول الزمني للحرب". وفي مكالمة مع بلينكن أيضًا، أوضح: أن "كل ما هو ضروري لتحقيق هذا الهدف".

وذكرت الخارجية الأميركية أن بلينكن أشاد في اتصال هاتفي مع وزير الأمن الإسرائيلي وغانتس، باستعداد إسرائيل للتوصل إلى اتفاق، وأن تنفيذ صفقة التبادل ووقف إطلاق النار سوف "يخدم مصالح إسرائيل الأمنية على المدى الطويل".

جو بايدن ومقترح التهدئة والتبادل.. نتنياهو ليس مستعدًا لوقف الحرب جو بايدن ومقترح التهدئة والتبادل.. الخلافات تشتغل داخل إسرائيل

وفي السياق نفسه، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب "يش عتيد" عضو الكنيست يائير لابيد، إن على إسرائيل أن ترسل وفدًا "اليوم إلى القاهرة لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل صفقة الرهائن".

وكرر لابيد تعهده بأن يكون بمثابة "شبكة أمان" لنتنياهو لتمرير الاتفاق إذا عارضه بن غفير وسموتريتش. وقال لابيد: "لا يمكن أن يمنع بن غفير وسموتريتش [الرهائن] من العودة إلى ديارهم".

ورغم هذه التصريحات، أكد مساعد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الأحد، أن إسرائيل قبلت اتفاق إطار لإنهاء الحرب في غزة والذي طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن، رغم أنه وصفه بأنه معيب وبحاجة إلى مراجعة.

وفي مقابلة مع صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، قال أوفير فولك، كبير مستشاري نتنياهو للسياسة الخارجية، إن اقتراح بايدن هو "صفقة اتفقنا عليها - إنها ليست صفقة جيدة لكننا نريد بشدة إطلاق سراح الرهائن جميعهم. هناك الكثير من التفاصيل التي يتعين العمل عليها"، مضيفًا أن الشروط الإسرائيلية، بما في ذلك "الإفراج عن الرهائن وتدمير حماس" لم تتغير.

وفي تصريحات صحيفة سابقة، قال وزير الأمن الإسرائيلي، يوم الأحد، إن إسرائيل لن تقبل استمرار حماس في حكم قطاع غزة في أي مرحلة خلال عملية إنهاء الحرب.

وقال يوآف غالانت في بيان: "بينما نقوم بعملياتنا العسكرية المهمة، تقوم المؤسسة الأمنية في الوقت نفسه بتقييم بديل للحكم لحماس. سنعزل مناطق (في غزة) ونخرج نشطاء حماس من هذه المناطق ونرسل قوات تُمكن من تشكيل حكومة بديلة".

وفي سياق آخر، اجتمع حاخامات حزب الصهيونية الدينية، أمس الأحد، مع وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، لبحث صفقة التبادل. 

وقالوا خلال اللقاء إنه في حال الترويج لـ"صفقة خطيرة"، على حد تعبيرهم، "فمن الممكن الانسحاب من الحكومة". وبذلك أعطى الحاخامات موافقتهم على التهديد الذي أطلقه زعيم حزب الصهيونية الدينية سموتريتش، بأن حزبه لن يكون جزءًا من الحكومة إذا مضت الصفقة قدمًا.

وأوضح غالانت: "لن نقبل حكم حماس في غزة في أي مرحلة من أي عملية تهدف إلى إنهاء الحرب".

وبحسب تقرير نشر في "وول ستريت جورنال"، فإن إعلان حماس الأولي عن "إيجابية" خطاب بايدن، انعكس على المفاوضات، إذ تطالب الحركة بالحصول على نص مكتوب يعكس خطاب الرئيس الأميركي.

وقال مسؤولون عرب إنه على الرغم من أن حماس قالت إن المبادئ التي حددها بايدن "جدية"، إلا أنها تطالب باقتراح مكتوب مفصل.

حضور دائم

ويعتقد محللون أنه قد يكون هناك عدد أكبر من مقاتلي حماس في شمال غزة، أكبر من عددهم في رفح، المدينة الجنوبية في المنطقة التي وصفها المسؤولون الإسرائيليون بأنها "المعقل الأخير" لحماس.

من جانبه، قال إيال حولاتا مستشار الأمن القومي من عام 2021 وحتى العام الماضي: "علينا أن نتذكر أن هناك عددًا أكبر من مسلحي حماس في شمال غزة في الأماكن التي خرج منها الجيش الإسرائيلي بالفعل أكثر من رفح... تلك هي أرقام الجيش الإسرائيلي. ولهذا السبب اضطر الجيش الإسرائيلي إلى العودة إلى جباليا والزيتون. حماس تسيطر على كل تلك المناطق".

وعن نشاط حركة حماس المدني، قال مايكل ميلشتاين، من مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا: "هذا ليس نوعًا من حكومة الظل، هناك سلطة واحدة مهيمنة وبارزة في غزة وهي حماس. إن قادة حماس مرنون للغاية وقد تكيفوا مع الوضع الجديد".

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن إسرائيل "على المسار المحتمل، لترث تمردًا مع بقاء العديد من مسلحي حماس، أو، إذا غادرت إسرائيل غزة، ستنتج فراغًا مليئًا بالفوضى".

كتب ماكس بوت ، وهو كاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست ومؤلف كتاب عن تاريخ حرب العصابات، أن أحد المسؤولين الأميركيين أخبره: "إن الإسرائيليين يظهرون كيفية عدم قيامهم بمكافحة التمرد".

وفي افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، التي نشرت أمس بعنوان "نعم للمقترح الإسرائيلي لإنهاء الحرب في غزة"، قالت: "لا يمكننا أن نسمح للحكومة، أي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومجلس الوزراء الحربي، أن تنأى بنفسها عن الخطة التي قدمها بايدن. ويمثل اقتراحه الموقف الإسرائيلي، الذي تمت مناقشته خلف الأبواب المغلقة، بعيدًا عن تهديدات اليمين المتطرف. وفي الاقتراح تعترف إسرائيل بضرورة وقف الحرب وهي مستعدة لها.

الاقتراح الإسرائيلي الذي قدمه بايدن، والذي استجابت له حماس بشكل إيجابي، هو الأمل الوحيد لإعادة الرهائن وإنهاء الحرب".

وأضافت "هآرتس": "على إسرائيل أن تستمع للرئيس الأميركي، فهو صديق حقيقي، وقد أثبت ذلك منذ اليوم الأول بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر. إذا لم يحدث هذا فإن إسرائيل سوف تُبقى دون شيء، من دون إعادة الرهائن، ومن دون تحقيق النصر على حماس، وفي ظل جبهة شمالية مشتعلة، واقتصاد منهار، ومكانة دولية في حالة سقوط حر، وأوامر صادرة عن المحاكم في لاهاي".

واستمرت في القول: "الشيء الوحيد الذي يمنع نتنياهو من ’قبول’ الاقتراح الإسرائيلي هو الرغبة في الحفاظ على ائتلافه واستمرار حكمه. إيتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش وحفنة من متطرفي الليكود يفضلون مواصلة القتال وهم على استعداد للتضحية بالرهائن الأحياء من أجل ذلك. كما يريدون احتلال غزة، وبناء المستوطنات اليهودية هناك، وحتى القيام بنقل الفلسطينيين الذين يعيشون هناك. لم تعد هناك فرص كثيرة لفعل الشيء الصحيح ووضع حد للكابوس الذي بدأ قبل ثمانية أشهر. وقد وضع بايدن إحدى هذه الفرص على الطاولة. يجب أن نأخذها".