09-أغسطس-2024
مظاهرة تضامنية مع غزة أمام البيت الأبيض

(Getty) تراجع الدعم لإسرائيل أميركيًا تزايد بعد العدوان الحالي على غزة

اعتبر موقع "ميدل إيست آي" أنّ الإجماع حول دعم إسرائيل في الولايات المتحدة قد انهار، وتتجلى صورة ذلك الانهيار بشكلٍ أوضح داخل الحزب الديمقراطي الذي بيده حاليًا مقاليد السلطة السياسية في البلاد.

ولعلّ هذا ما يفسر، حسب الموقع البريطاني، مستوى انخراط جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في السياسة الانتخابية بشكلٍ علنيٍ وقوي، إذ لم تكن في الماضي بحاجة لهذا المستوى الفاقع من الانخراط لسبب بسيط هو أنّ قضيتَها كانت تتمتع بدرجةٍ كبيرة من الهيمنة الثقافية في مشهد السياسة الأميركية وعقول السياسيين الأميركيين.

ولعلّ أبرز الأمثلة الدالّة على حالة الاضطرار التي ألجأت جماعات الضغط الداعمة لإسرائيل إلى هذا الخيار هو مثال نجاح لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية المعروفة اختصارًا بـ"أيباك" في المساعدة على هزيمة النائبة كوري بوش المؤيدة للفلسطينيين، حيث حوّل إنفاق الجماعات المؤيدة لإسرائيل: "السباق إلى واحدةٍ من أغلى الانتخابات التمهيدية في مجلس النواب في التاريخ". وبحسب مقال "ميدل إيست آي"، فإن هذا الانتصار كان باهظ الثمن لقضيةٍ خاسرة.

انخراط جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في السياسة الانتخابية بشكلٍ علنيٍ وقوي هو مؤشّر على تراجع الدعم الأميركي لإسرائيل

يشار إلى أنّ كوري بوش صرّحت عقب إبعادها من منصبها قائلةً: "بإبعادي من منصبي كعضوٍ في الكونغرس، كل ما فعلوه هو إزالة بعض القيود عني وجعلي متشددةً، لذا يجب عليهم الآن أن يخافوا، أيباك أنا قادمة لتمزيق مملكتكم".

ويعدّ إنفاق "أيباك" الضخم، وانتصار المانحين لإسرائيل، حسب "ميدل إيست آي"، أحدث علامةٍ على تراجع قضيتِهم في الولايات المتحدة، وخاصةً في الحزب الديمقراطي، وذلك لأن هذا التفاخر بالقوة لم يكن ضروريًا من قبل.

ويضيف الموقع البريطاني: "لوقتٍ قريب، يبدو الأمر وكأنه تعبيرٌ عن القوة، ولكن أيّ متابعٍ للسياسة حول هذه القضية في الولايات المتحدة يعرف أن هذا ليس صحيحًا على الإطلاق، إذ لم تُضطر جماعات المصالح المؤيدة لإسرائيل من قبل قطّ إلى التدخل بشكلٍ علني وقوي في السياسة الانتخابية بهذه الطريقة".

متى بدأ التحول؟

يرى مقال "ميدل إيست آي" أن بداية الانخفاض الواضح والثابت الذي سيستمر على مدى العقد المقبل في دعم إسرائيل، كان بين عامي 2014 و2015، عندما دمرت حرب إسرائيل المروعة مساحاتٍ شاسعة من البنية التحتية المدنية وقتلت حوالي 1500 مدني، معظمهم من النساء والأطفال. حينها دفعت الوحشية التي أظهرها الجيش الإسرائيلي العديد من الأميركيين إلى الابتعاد في فزعٍ، والتساؤل عن سبب استمرار حكومتهم في تمويل الجيش الإسرائيلي.

إلّا أنه وعلى الرغم من بشاعة الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في عام 2014، وكونها نقطة تحول واضحة في استطلاعات الرأي، فإن تأثيرها ظل ضئيلًا بالمقارنة مع تأثير حرب الإبادة الجماعية الحالية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن أغلب الديمقراطيين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادةً جماعية في غزة.

الإجماع الدولي المتنامي لقضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضدّ إسرائيل

يرى "ميدل إيست آي" أنّ الإجماع الذي يتقاسمه العالم على نحوٍ متزايد مع انضمام عشرات الدول، مثل البرازيل وإسبانيا وسلوفينيا والمكسيك وغيرها، إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية؛ عاملٌ آخر يفسّر الانخراط العلني للوبيات الضغط الداعمة لإسرائيل في السياسة الانتخابية الأميركية. فـ"أيباك" ومجموعات الضغط الداعمة لإسرائيل تحاول سد ثغرةٍ في الدفع الرمزي بملايين الدولارات من التبرعات للحملات، لكن ذلك لا يحجب الموجة المتصاعدة من الغضب والاشمئزاز من الجرائم الإسرائيلية التي ستشكل جيلًا قادمًا ناقمًا على الاحتلال.

ويخلص موقع "ميدل إيست آي" إلى تقرير أنّ الدعم الذي كانت تتمتع به إسرائيل ذات يوم في الولايات المتحدة قد اختفى، ويستشرف الموقع أنّ مصير الحفاظ على ما تبقى منه يتطلب الإقناع وهو أمر ليس بالسهل لأنه يتعلق بدعم جرائم الحرب، وبالتالي فإن عصر الإكراه والقمع هو ما ننتقل إليه بسرعةٍ، وسوف يكلف القوى المؤيدة لإسرائيل سمعتها، وسوف ينهار في نهاية المطاف هو الآخر.

والنتيجة في المحصّلة هي أنّ أصواتًا مثل صوت كوري بوش سوف تصبح ظاهرةً في الطبقة السياسية الأميركية، وسوف يتذكرها الناس لوقوفها بشجاعةٍ من أجل حقوق الفلسطينيين عندما كان كثيرون لا يزالون يفتقرون إلى الشجاعة السياسية للقيام بذلك حسب مقال "ميدل إيست آي".