كشفت صحيفة "هآرتس" أن "إسرائيل" ردت على خسارتها الواضحة أمام حركة حماس في المعركة الرقمية، عبر إجراء أول عملية شراء في تاريخها لمنظومة تقنية يمكنها تنفيذ حملات تأثير جماعية عبر الإنترنت.
وبحسب ما نقلته الصحيفة الإسرائيلية عن عدد من المصادر المطلعة، فإن هذه المنظومة تستطيع إنشاء محتوى متخصص لاستهداف مجموعة بعينها تلقائيًا، إلى جانب مهام أخرى. وجرى شراء هذه التقنية كجزء من محاولة أوسع من جانب المؤسسات الإسرائيلية المدنية والعسكرية، وذلك لمواجهة ما وصفته المصادر بأنه "فشل الدبلوماسية العامة الإسرائيلية" بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وبناءً على مصادر إسرائيلية، تحدثت مع "هآرتس"، فإن "إسرائيل لم تكن مستعدة لحرب الشبكات الاجتماعية التي اندلعت يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما أسفر عن أزمة مصداقية أعاقت قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل ضد حماس في ساحة المعركة الفعلية".
وتقول المصادر الإسرائيلية إن النظام يتم تشغيله حاليًا من قبل مكتب حكومي، والسبب في ذلك هو المخاوف في داخل المؤسسة الدفاعية بشأن استغلال هذه التكنولوجيا لأغراض سياسية.
اشترت "إسرائيل" منظومة تقنية يمكنها تنفيذ حملات تأثير جماعية عبر الإنترنت لمواجهة فشل الدبلوماسية العامة الإسرائيلية، بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر
وأضافت المصادر المطلعة على جهود الدبلوماسية العامة الإسرائيلية، المعروفة باسم "الهسبراه"، أنه نظام يهدف إلى مواجهة ما وصف بـ"آلة كراهية جيدة على الإنترنت تدفع بشكل منهجي إلى التضليل المناهض لإسرائيل والمؤيد لحماس، ونشر المعلومات المضللة، وإنكار هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر"، بحسب الصحيفة.
في يوم الإثنين الماضي، كشف جهاز الشاباك أن إيران كانت تدير أربع قنوات "مضللة" على الأقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، كجزء من حربها النفسية وعمليات التأثير التي تستهدف "إسرائيل". وكان من بينها شبكة "مضللة" على الإنترنت، ساعدت في تضخيم مقاطع فيديو حماس من هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعملت منذ ذلك الحين على تحريض الجمهور الإسرائيلي على القضايا المرتبطة بالحرب.
وكشفت الساعة الأولى من الحرب عن مدى عدم استعداد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لإدارة منصات على الشبكات الاجتماعية، مثل إنستغرام وتيك توك، بالتزامن مع انتشار مقاطع الفيديو التي صورتها حماس على الإنترنت.
وكان الهدف هو مواجهة ما قالت المصادر الإسرائيلية إنها "جهود غير أصيلة لنزع الشرعية عن إسرائيل عبر الإنترنت".
وتقول "هآرتس": "بعد 100 يوم على بداية الحرب، قادت حماس حملة اتصالات عامة شديدة النجاح"، وصفتها المصادر بأنها عملية تأثير "نفسي".
وتبيّن أن وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تعاني من محدودية في قدرتها على المواجهة النشيطة لهذا السيل، الذي يبدو لا نهائيًا، من المواد المرئية المنشورة بواسطة حماس ووكلائها.
وقد ميّز المسؤولون الإسرائيليون وباحثو الشبكات الاجتماعية بين ثلاثة أشكال مختلفة من محتوى الإنترنت من قبل العديد من المستخدمين المؤيدين للفلسطينيين، وهي:
1.منشورات مناهضة لإسرائيل: تدعم هذه المنشورات الفلسطينيين، وتعارض التصرفات الإسرائيلية، وتندرج تحت إطار حرية التعبير.
2.محتوى "كاذب أو مضلل أو يحض على الكراهية": يتعارض هذا المحتوى مع سياسات الثقة والسلام الداخلية الخاصة بالشبكات الاجتماعية، ويمكن إزالته بواسطة فرق الإشراف في حال الإبلاغ عنه.
3.محتوى عنيف وتصويري مؤيد للمقاومة: يُعتبر هذا المحتوى غير قانوني، ويمكن إزالته بعد تقديم طلب من وزارة العدل الإسرائيلية.
وحاول المتطوعون المدنيون الإسرائيليون "تحسين صورة إسرائيل" على الإنترنت، بالإضافة إلى الإبلاغ عن المشاركات التي تخالف قواعد المنصات. ومع ذلك، وعلى الرغم من سنوات من التمويل السخي و"الهيبة"، التي تقول بعض تلك المصادر إنها ولّدت الثقة المفرطة، وجدت أنها غير ذات صلة من حيث المساعدة في تلبية الاحتياجات.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، لا تتوقع "إسرائيل" التمتع بدعم هائل عبر الإنترنت، لكنها ترى أن "الدعم الشعبي الأوسع للقضية الفلسطينية قد اختطفته حماس بنجاح، لتقويض مكانة إسرائيل بطريقة غير مسبوقة". ويقول المسؤولون الإسرائيليون: إن "الحجم الكبير للمحتوى الذي تنتجه حماس والشركات التابعة لها، فضلًا عن وصولها إلى الشباب الغربيين، أشعلت إسرائيل على حين غرة".
وعلى الرغم من "الجهود الإسرائيلية"، التي شملت محاولات مدنية ورسمية لتحديد هذا المحتوى والإبلاغ عنه، وحتى التواصل الشخصي مع المديرين التنفيذيين على وسائل التواصل الاجتماعي، غمر طوفان من المحتوى "المزيف أو العنيف" الإنترنت خلال أول شهرين ونصف من الحرب.
وبعد أشهر من الجهود التطوعية، بما في ذلك الاستثمار الهائل للموارد من قبل شركات التكنولوجيا والإعلان المحلية، تقول المصادر إن وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية بدأت في تمويل المشاريع المدنية، وتنهي الجهود التطوعية، مع تدخل مديرية الدبلوماسية العامة لمحاولة مزامنة جميع المشاريع غير العسكرية.
ويعترف مصدر استخباراتي إسرائيلي لـ"هآرتس": "يبدو الأمر كما لو أن "إسرائيل" اكتشفت الإنترنت لأول مرة في ذلك السبت في تشرين الأول/أكتوبر. إذ لم تر فيه إسرائيل أبدًا ساحة حقيقية تحتاج إلى أن تكون نشطة فيه"، وأضاف: "يستغرق الأمر بعض الوقت. ولكن لا يوجد تخطيط طويل الأجل، تمامًا كما هو الحال مع الاستثمار في التعليم".