تشهد الجبهة اللبنانية توترات متصاعدة إثر هجوم مجدل شمس، في الجولان السوري المحتل، الذي اتهمت دولة الاحتلال الإسرائيلي "حزب الله" اللبناني بتنفيذه، وأسفر عن مقتل 14 شخصًا بينهم 5 أطفال.
واستهدف الهجوم الصاروخي، أمس السبت، ملعبًا لكرة القدم في بلدة مجدل شمس المحتلة. وبينما نفى "حزب الله" مسؤوليته عن الهجوم، ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الصاروخ الذي أُطلق على البلدة إيراني الصنع ويزن 53 كيلوغرامًا.
وتوعدت "إسرائيل"، اليوم الأحد، بتوجيه "ضربة قوية" لـ"حزب الله" ولبنان عمومًا. فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إنهاء رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، زيارته للولايات المتحدة في وقت مبكر، لافتةً إلى أنه سيصل إلى "إسرائيل" اليوم الأحد، ويعقد اجتماعًا للمجلس الأمني بعد الظهر لمناقشة الرد الإسرائيلي على الهجوم.
حذّر مسؤولان أمميان من أن المواجهات بين إسرائيل وحزب الله قد تشعل صراعًا أوسع نطاقًا من شأنه إغراق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، اليوم الأحد، بأن وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت، جدد خلال تفقده الساحة التي سقطت فيها الصاروخ، اتهام "حزب الله" باستهداف البلدة، والتأكيد على أنه سيدفع الثمن، قائلًا لأهالي البلدة: "ما حدث هنا مأساة رهيبة، وأريدكم أن تعرفوا أن الجيش ووزارة الدفاع ودولة إسرائيل، الجميع معكم".
وأفادت وسائل إعلام محلية في مجدل شمس بأن أهالي البلدة الدرزية يستعدون لتشييع ضحايا الهجوم، الذي زعم جيش الاحتلال، على لسان المتحدث باسمه، أنه نُفذ باستخدام صاروخ إيراني من نوع "فلق 1" أُطلق من منطقة شمال قرية شبعا جنوب لبنان.
غارات ليلية على بلدات لبنانية
وكانت مقاتلات الاحتلال الحربية قد قصفت، ليل السبت - الأحد، عدة بلدات وقرى في العمق اللبناني وجنوب لبنان، حيث استهدفت غارات إسرائيلية بلدة الخيام، ومناطق بين بلدة العباسية وبرج الشمالي بالجنوب. وقصفت كذلك، فجر اليوم، بلدة طاريا في البقاع بالعمق اللبناني.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه قصف أهدافًا تابعة لـ"حزب الله" في عمق الأراضي اللبنانية وفي الجنوب اللبناني. وأضاف أنه: "شنّ خلال ساعات الليلة الماضية غارات على سلسلة أهداف لحزب الله في أنحاء لبنان".
وأوضح جيش الاحتلال أنه: "من بين الأهداف التي تم استهدافها في عمق وجنوب لبنان مخازن أسلحة وبنى إرهابية في مناطق الشبريحا وبرج الشمالي والبقاع وكفركلا ورب ثلاثين والخيام وطير حرفا".
إلى ذلك، حثت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، وقائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، الجنرال أرولد لاثارو، في بيان مشترك اليوم الأحد؛ "إسرائيل" و"حزب الله" على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف تبادل إطلاق النار المكثف والمستمر.
وحذّر المسؤولان الأمميان، في بيانهما، من أن المواجهات بين الطرفين قد تشعل صراعًا أوسع نطاقًا من شأنه إغراق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها.
تداعيات الهجوم وتوقعات الرد الإسرائيلي
وفي وقت سابق، أمس السبت، قال الكاتب السياسي رضوان عقيل، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، إن غالبية المعطيات تشير إلى أن "إسرائيل" تتحمل مسؤولية الهجوم على مجدل شمس، مؤكدًا أن المنطقة: "أمام حادث خطير".
واستبعد عقيل أن يكون "حزب الله" مسؤولًا عن الهجوم على البلدة، لافتًا إلى أن الحزب يركز منذ اليوم الأول للمعركة على استهداف النقاط العسكرية الإسرائيلية. أشار إلى أن "إسرائيل" ستعمل على استغلال الهجوم، وربما تُقدم على استهداف نقاط مدنية في جنوب لبنان.
وأردف عقبل: "إذا أقدم الاحتلال على توجيه أي ضربة في أي نقطة لبنانية واستهدف تجمعات مدنية، فإن الوضع سيصبح أمام مشهد آخر، بمعنى أن إسرائيل تكون قد بدأت بتوجيه عدوان كبير ضد لبنان، ولن يقف حزب الله متفرجًا".
واعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي، جاكي خوري، في حديث إلى "التلفزيون العربي" كذلك، أن الهجوم على بلدة مجدل شمس يُعد، بالنسبة إلى المنطقة الشمالية، الأخطر والأصعب منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لافتًا إلى وجود تخوف من وصول هذا التصعيد إلى مرحلة لا يمكن معها لأي طرف السيطرة عليه.
وبينما أعرب عن اعتقاده بتدخل جهات عربية ودولية لمنع التصعيد بين الطرفين، قال خوري إن التصعيد والذهاب إلى المواجهة الشاملة مع "حزب الله" في العمق اللبناني سيؤدي إلى تطورات خطيرة على مستوى الشرق الأوسط والإقليم.
ورأى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، معين الطاهر، أن جيش الاحتلال سيستغل هذه التطورات للقيام: "بضربات انتقامية على لبنان، تكون في العمق اللبناني وربما تصل إلى العاصمة بيروت أو إلى البقاع والهرمل، وقد تتدحرج المواجهة تدريجيًا لتصل إلى مواجهة شاملة بين المقاومة في لبنان والجيش الإسرائيلي، وهو الأمر الذي يسعى إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو" بحسب قوله.
وقال الطاهر، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، إن ما يعيق الحرب الشاملة بين "إسرائيل" و"حزب الله" هو الخلاف بين القيادة السياسية والعسكرية في دولة الاحتلال، معتبرًا أن كل الاحتمالات مفتوحة بعد حادثة الهجوم على مجدل شمس، وأن الأوضاع أقرب من أي وقت مضى إلى نقطة اندلاع حرب شاملة.