28-يوليو-2024
المفكر العربي عزمي بشارة خلال المقابلة

المفكر العربي عزمي بشارة (التلفزيون العربي)

استضاف "التلفزيون العربي"، في لقاء خاص مساء أمس السبت، المفكر العربي عزمي بشارة الذي تناول بالتحليل والنقاش مفاوضات وقف إطلاق النار وخطط اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، معرّجًا على العلاقات الإسرائيلية - الأميركية بين الانتخابات والحرب، ومقدِّمًا قراءة معمقة في السباق الرئاسي الأميركي.

واختتم بشارة النقاش بالتطرق إلى جولة المصالحة الفلسطينية في بكين، وما تمخض عنها من اتفاق بين الفصائل الموقعة عليه، بالإضافة إلى تشخيص حالة التصعيد التي تشهدها المنطقة بعد ضرب ميناء الحديدة، وعملية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل.

تجربة المفاوضات مع إسرائيل

أثبتت التجربة، حسب المفكر العربي، أنّ لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نهجًا ثابتًا وهو نهج المماطلة والتسويف والقفز فوق جميع الالتزامات، بما فيها الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن بوصفها خطةً إسرائيلية في 31 أيار/مايو الفائت، وتبناها مجلس الأمن بعد ذلك بعشرة أيام.

ولم يتغير، كما أوضح بشارة، موقف نتنياهو المتمثل في مواصلة الحرب حتى تحقيق مفهومه الخاص به للانتصار، القائم على أن أي وقف لإطلاق النار يجب ألا يمنع إسرائيل من مواصلة الحرب بعد ذلك، إضافةً إلى البقاء في رفح وفي المناطق العازلة بين مصر وقطاع غزة، عدا عن وضع فيتو على حوالي 100 سجين فلسطيني، إلى آخر ذلك من مجموعة الشروط الطويلة.

أوضح بشارة أن نتنياهو يريد الاستمرار في الحرب على غزة وإلحاق أكبر من قدر من الدمار بها وجعلها غير صالحة للعيش

واعتبر بشارة كذلك أنّ أيّ تغييرٍ يمكن أن يحصل في مواقف بنيامين نتنياهو في مباحثات روما سيكون في الأمور غير المرجّحة، من قبيل التفاصيل المتعلقة بأسماء السجناء وأعدادهم في قائمة الـ100 سجين الذين وضع عليهم فيتو. فقد يطرح تعديلات من هذا النوع يُظهر فيها أنه تراجع. لكن في الجوهر، ليس هناك تغيير، إذ لا يزال منطق نتنياهو، حسب بشارة، هو تجنب وقف إطلاق النار. وإذا وافق، سيكون في المرحلة الأولى (42 يومًا)، إذ يهدف نتنياهو خلال هذه الفترة إلى استلام المحتجزين الإسرائيليين الأحياء ومن ثم مواصلة الحرب على غزة. 

وبالتالي، يقول بشارة: "إذا حصل اتفاقٌ سيوافق فيه نتنياهو على وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى، بخلاف ما تهدف إليه المقاومة من سريان وقف إطلاق النار في المراحل الثلاثة".

أما من جانب المقاومة، قال بشارة إن المقاومة قالت ما لديها وأدخلت تعديلاتٍ طفيفة وقدمتها للطرف الأميركي. وفي النهاية، يرى بشارة، أنّ المقاومة الفلسطينية وافقت على المراحل الـ3 التي تضمنتها خطة بايدن وفسّرت أن هذا قد يقود إلى وقف إطلاق نارٍ شامل ودائم بموجب تفسيرات بايدن للمراحل الثلاثة.

من هذه الناحية تكون المقاومة، حسب بشارة، قد فعلت ما عليها، مع الإشارة إلى محاولة الإسرائيليين وبعض العرب حشرها في الزاوية وجعل الكرة في ملعبها، حيث بدأ الجميع بالضغط عليها للموافقة، حتى عندما لم يصرح نتنياهو بأنه موافق. وعندما وافقت المقاومة على خطة بايدن وطالبت أن يقف نتنياهو ويعلن موافقته على الخطة كما هي، لم يستجب، بل بالعكس قام بعد 5 أسابيع من الإعلان عن الخطة بطرح كلام مفاده أن لديه 4 شروط، وهي شروط غير مقبولة لأحد، وليست جزءًا من الخطة الأميركية على الإطلاق، ما يعني أن هدفه، كما أوضح بشارة، هو الاستمرار في الحرب.

كما يرى بشارة أن السبب في موقف نتنياهو المخاتل ليس فقط أن يستمر في الحرب، وإنما يكمن في أنّ لديه منطقًا متعلقًا بتغيير الوضع في غزة جذريًا. ويضيف بشارة أنه فيما عدا ذلك، ليس لنتنياهو خطة حقيقية فيها شركاء لليوم التالي، أي من سيستلم؟ وما هي الإدارة؟ فما هو واضح أنه ليس له شركاء عرب ولا في الطرف الفلسطيني في هذه الخطة، ولذلك هو يستمر في الحرب.

ويعتقد بشارة أنّ نتنياهو يريد فعلًا أن يدمر غزة، وأن يستمر لأطول وقت ممكن لكي يحقق هدفه المتمثل في إلحاق أكبر قدر من الدمار بغزة وجعلها غير صالحة للعيش.

وحول العوامل التي يمكن أن تؤثر في خطط نتنياهو لليوم التالي، يرى صاحب كتاب "قضية فلسطين: أسئلة الحقيقة والعدالة"، أن العامل الأول هو صمود المقاومة وهو حتى الآن العامل الحاسم، لأن العوامل الأخرى لم تكن حاسمةً إلى الآن، في إشارة إلى الضغط الدولي الذي حصل بمستوياتٍ، في المحاكم الدولية وفي مظاهرات جابت أنحاء العالم، وفي دول أوروبية غيرت بعض مواقفها.

وفي قراءة لتفكير نتنياهو، اعتبر بشارة أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يُحدث نفسه بأنّ ما يمكن أن يحصل قد حصل: القرارات الدولية، المحاكم الدولية، والمظاهرات، ومع ذلك لم يؤثر في الضغط على إسرائيل، وهذا يُشعره بأن يده غير مقيدة.

وأشار إلى أن هذا قد تمّ في وقت لم تجرّب فيه الدول القادرة على الضغط أن تمارس تأثيرًا حقيقيًا على نتنياهو، على غرار الولايات المتحدة والدول العربية. فهذه الأخيرة، حسب بشارة، لو كانت مع الفلسطينيين وكان كل العالم مع نتنياهو، وقررت أن تطلق إنذارًا، بتخيير نتنياهو بين السلام أو الحرب أو بين السلام وعدم وجود سلام، لأحدث ذلك فارقًا. بل إن دولة مثل مصر، إذا هددت بورقة السلام، لتمكنت من وقف الحرب كما أوضح بشارة، ذلك أن إسرائيل لا تريد الاستغناء عن السلام مع مصر.

أكد بشارة أن تحقيق الوحدة الفلسطينية تحت مظلة "منظمة التحرير" قادرة على إفشال المخطط الإسرائيلي

وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، يرى بشارة أنها لم تضغط على إسرائيل بشكل جدي، فحتى تصريحات بايدن وبعده هاريس بضرورة وقف الحرب لم تؤثّر جديًا لأنه لا يرافقها ضغط حقيقي بوقف التسليح أو فرض عقوبات. وأوضح أنه: "لا يوجد حتى إنذار أو تحذير. لا يوجد ضغط حقيقي، لا يوجد سوى صمود الشعب الفلسطيني واستمرار الاحتجاج العالمي".

وبالنسبة للضغط على "حماس"، يوجد لدى نتنياهو، حسب بشارة، انطباع أنّ الضغط الحقيقي على المقاومة هو حاضنتها الشعبية، لذلك يستهدف المجتمع الفلسطيني بشكل مقصود للضغط على المقاومة.

فكرة اليوم التالي

يرى بشارة أن هذه القضية مرهونة بالفلسطينيين وقواهم السياسية، لأن نتنياهو يراهن على خذلان الأنظمة العربية للفلسطينيين، وعلى "حلفائه" من الدول العربية في التمويل والضبط الأمني والإشراف المشترك مع إسرائيل أمنيًا، بحيث تتمكن قوة محلية تأخذ سندًا عربيًا من إدارة القطاع، وهو ما لم يتوفر بعد لنتنياهو، فحتى الدول العربية تشترط نظريًا - يؤكد بشارة على عبارة نظريًا - التعاون مع إسرائيل بوجود خطة تفضي إلى دولتين.

لكن هذا الرفض العربي الحالي للتعامل مع الخطة الإسرائيلية يضع بشارة عليه ألف شرط وشرط، لأنه قد يتغير إذا استمر الانقسام الفلسطيني، بمعنى إذا لم تحصل وحدة فلسطينية يضع فيها الشعب الفلسطيني كله عبر إرادة موحدة من خلال منظمة التحرير موقفًا يعبر عن إرادته، بأنّه لا يوجد طرف مستعد للتعاون في إدارة غزة تحت حماية إسرائيلية، لن يتكرر أوسلو مشوه جديد في قطاع غزة لا يُنظَر فيه للشعب الفلسطيني إلا من زاوية واحدة وهي زاوية الأمن الإسرائيلي. فهذا، بالضبط حسب بشارة، هو منطق نتنياهو فيما يريد فرضه في غزة، فكل المنظور الإسرائيلي هو أن تُهندَس الأوضاع في غزة بموجب مصالح الأمن الإسرائيلي، وليس لمصالح الشعب الفلسطيني أي دور في الموضوع ولا تطلعاته للتحرر وإقامة دولته المستقلة.

إنّ ما يمكن أن يمنع العرب، أو جزءًا من العرب، حسب بشارة، من التعاون مع خطة نتنياهو لليوم التالي أو قوة محلية في غزة بعد هذه الحرب وهذه المآسي، هو موقف فلسطيني موحّد تحت مظلة منظمة التحرير لإفشال المخطط الإسرائيلي الذي يراهن على: "لوم المقاومة وتحميلها مسؤولية المآسي والمعاناة الحاصلة" لتقبل ببديل محلي تسعى إسرائيل لتجهيزه، لكن هذا كله: "يُقطَع الطريق عليه ويُجهَض بكلمة فلسطينية موحدة في إطار مؤسسي منظم هو منظمة التحرير تعبر عن إرادة الشعب وتقول لا يوجد حل مثل هذا، وإنما الحل يتمثل في إقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وانسحاب إسرائيل وترك الفلسطينيين يديرون شؤونهم بأنفسهم"، ويضيف بشارة: "لا نريد أوسلو لثلاثين سنة أخرى".

خطاب نتنياهو في الكونغرس

اعتبر بشارة أن نتنياهو قدم في كلمته أمام الكونغرس خطابًا استعماريًا ومجموعة من الكليشيهات لاستدرار التصفيق، مصورًا ما جرى بعبارة: "محفل شعبوي من الحماقة والسخافة مشين ومعيب بالنسبة لبرلمان من هذا النوع". وإذا كان هذا المشهد يقول شيئًا فإنما: "يقول شيئًا عن سطحية البرلمانات الأميركية فيما يتعلق بالشؤون الخارجية"، ولذلك من السهل انجراف البرلمانيين الأميركيين في جوقة من التصفيق خلف نتنياهو.

ومع ذلك، يرى بشارة أن خطاب نتنياهو خطير لأنه ما زال هناك رئيس حكومة في دولة في منطقتنا يتبنى تجاهنا خطابًا استعماريًا بقوله إن الصراع ليس بين حضارات وإنما بين الحضارة مقابل البربرية. وبقوله مخاطبًا الأميركان: "نحن نخدم مصالحكم ونوفر عليكم أن تضعوا أرجلكم على الأرض"، وبقوله في نبرة سلفيةٍ إن الأرض: "أرض إبراهيم وإسحاق ويعقوب"، بل وتشبيه غزة بألمانيا واليابان، وغيرها من الكليشيهات المعدة للتصفيق. وزاد عليها التدخل بصفاقة في شؤون أميركا واصفًا من يتظاهر ضد إسرائيل بالمعادي للسامية أو العميل لإيران.

ومع ذلك، يسجل بشارة حدوث تغير كبير في أميركا انعكس في المظاهرات ومقاطعة أكثر من 100 نائب لخطاب نتنياهو، وحتى في بعض وسائل الإعلام في "سي إن إن" ليلة الخطاب كانت معبأة ضده، حيث أشارت إلى أنه: "خطاب كله أكاذيب ولم يطرح أي شيء بالنسبة للحلول، وتحدث بتعالي وغرور تجاه أميركا".

ويفسر هذا في جانب منه اندفاع نتنياهو تجاه ترامب لأنه يعرف أن الحزب الديمقراطي تغير في مواقفه وقواعده الشعبية، باتخاذ مسافة من سلوك نتنياهو. ولذلك فحكومة نتنياهو معنية بعودة ترامب إلى البيت الأبيض،

وعن دور اللوبي اليهودي في السياسة الأميركية، لفت بشارة الانتباه إلى أنّ مجموعة "أيباك" فاعلة في الكونغرس، حيث تكمن قوتها في التشبيك في جمع التبرعات للنواب في ولاياتهم. لكن هذا اللوبي غير مؤثر بشكل كبير في انتخابات الرئاسة، كما أنّ يهود أميركا من المعسكر الثقافي الذهني المضاد لترامب بسبب تحالفه من الإنجيليين وموقفه من المرأة والإجهاض.

وفسر بشارة التقارب بين نتنياهو وترامب بأنّ الإسرائيليين يريدونه أن يدعم ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية لإسرائيل. وهذا، ما يبدو، أن ترامب قد وعدهم به تحت الطاولة.

السباق الرئاسي الأميركي

من الواضح، حسب بشارة، أن الرئيس الأميركي جو بايدن غير مقتنع بالانسحاب، لكن الانطباعات في السياسية وزنها بوزن الحقائق، خاصةً عندما تكون السياسة محكومة بقواعد مشهدية واستعراضية. وبايدن ظهر بشكل ضعيف بحسابات المشهدية والاستعراض، لكن قدراته الذهنية، حسب بشارة، أكبر بكثير من قدرات ترامب الذي اكتفى بترديد جمل قصيرة وعناوين دارت حول مواضيع الحدود والمهاجرين والانسحاب من أفغانستان والتضخم الاقتصادي.

قال بشارة إن خطاب نتنياهو في الكونغرس "خطير" لأنه أظهر تبنيه خطابًا استعماريًا تجاهنا بقوله إن الصراع ليس بين حضارات وإنما بين الحضارة مقابل البربرية

ولفت بشارة إلى أن السياسة في عصرنا سياسة قوة، بمعنى أن معايير التقييم فيها تتساءل عن: "هل أنت قوي؟ هل أنت ناجح؟ بعيدًا عن النظر والتدقيق فيما تقوله وما مضمون ما تقوله".

ويرى بشارة أن السبب الرئيسي في انسحاب بايدن هو أنه لم يعد قادرًا على توحيد الحزب الديمقراطي، معتبرًا أن كامالا هاريس استفادت من الزمن الوجيز بين انسحاب بايدن وموعد الانتخابات في التفاف الجميع حولها.

ورجّح أن موقف هاريس سيقوى بعد مؤتمر الحزب. ولعل مصدر القوة الرئيسي لهاريس، حسب بشارة، هو أنّ كل القوى المناهضة لترامب، وهي أغلبية، وجدت مرشحًا تلتف حوله. واستعرض بشارة نقاط قوة أخرى لهاريس، من قبيل كونها امرأة وملونة وقد يجد فيها الشباب تطلعاتهم. لكنها مشكلتها تبقى شريحة العمال في الولايات المتأرجحة، وهي في هذه النقطة تحتاج، وفق المفكر العربي، إلى مساعدة بايدن في إقناعهم واجتذابهم، كما أنّ اختيارها لنائبها سيكون مؤثرًا، خاصةً إذا كان من الولايات المتأرجحة.

وحول ما إذا كانت هاريس أم ترامب أفضل للمنطقة وللقضية الفلسطينية بشكل خاص، أبرز بشارة أن مشكلة العرب هي غياب مشاريع حقيقية لديهم وعدم التصرف كأمة وكحليف موازن وليس تابعًا.

وجزم بشارة بأن هناك فرق فعلاً بين هاريس وترامب وإن كانا كالمرّ والأمرّ، مذكرًا بشكل سريع بمدى الأضرار التي تسبب بها ترامب خلال ولايته الرئاسية للقضية الفلسطينية، لنواحي ما يسمى "صفقة القرن" أو خطة تصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. واستدرك بشارة بأن: "لدينا مشكلة كعرب وهي أننا ننظر دائمًا إلى العامل الخارجي لأنّ ليس عندنا مشاريع دول حقيقية"، موضحًا أن: "أميركا لن تكون مع طرف هو ليس مع نفسه".

وشرح فكرته بأن هناك دولًا عربية تتقبل الإملاءات الأميركية كما هي، ولا تحاول أن تكون حليفًا لا تابعًا. لهذه الأسباب، ونظرًا للوضع الفلسطيني الداخلي، هناك فرق بين ترامب وهاريس على ضوء ما فعله ترامب خلال ولايته، وأنه حاول القول للعالم إنه بالإمكان تهميش فلسطين وإنجاز التطبيع العربي - الإسرائيلي بمعزل عن حل القضية الفلسطينية. وختم في هذا الإطار قائلًا إنه: "إن لم يتوحد الشعب الفلسطيني ويُظهر أن التطبيع بلا حل القضية الفلسطينية مستحيل، فإن المخطط سيمر".

وعن فترة جو بايدن المتبقية وما إذا كانت قد تشهد ضغطًا نوعيًا على إسرائيل، رجح بشارة ألا يضغط بايدن بشكل جوهري حقيقي على إسرائيل لإنهاء الحرب.

الوحدة الفلسطينية

أكد بشارة أنّ قراءةً في إعلان بكين تبين أنه "إعلان ممتاز"، فهو يتضمن تشكيل حكومة وفاق وطني، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتأسيس قيادة موحدة. وهي كلها مطالب كانت السلطة ترفضها، وقد يكون السبب في عدم رفضها هذه المرة أنهم ببساطة: "لايريدون إغضاب الصين".

لكن التحدي والمشكلة أنه في اليوم التالي للتوقيع على الإعلان، بدأ الهجوم عليه والتقليل من شأنه، كما غابت أي بوادر لقيام وحدة حقيقية. ولفت بشارة إلى أن: "كثيرين توقفوا عن النظر بجدية إلى لقاءات المصالحة الفلسطينية المتنقلة" بسبب عدم جدية الفرقاء في إنجاز المصالحة.

وحول المجريات في الضفة الغربية، أكد بشارة أن السلطة غير قادرة على فعل شيء يتجاوز سقف التنسيق الأمني. ولفت إلى وجود إشارات إلى أن إسرائيل تستغني عن السلطة، وتقتصر على الاعتماد عليها لأخذ معلومات عن المقاومين. لكن إسرائيل هي من تدخل وتقوم بأعمال التمشيط بنفسها. حتى رخص العمل أصبح يُتحصل عليها بشكل مباشر. ويجري توسيع الاستيطان على قدم وساق، ويتم إطلاق المستوطنين للاعتداء، ليس في المناطق "ج" التي أصبحت فريسة لهم، بل وفي مناطق "أ".

كما تغيرت قواعد التعامل مع الأسرى، وباتت سجون دولة الاحتلال من أسوأ السجون في العالم حيث يتم فيها القتل تحت التعذيب. والمؤشر الأخير من بين جملة الإشارات على الاستغناء عن السلطة هو محاولة القضاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وختم بشارة اللقاء الخاص مع "التلفزيون العربي" بالحديث عن التصعيد الإقليمي على خلفية ضرب ميناء الحديدة وعملية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، معتبرًا أن التصعيد على الجبهة الشمالية وارد، وأن الرد سيكون تصعيديًا لكن من دون ترجيح أن يتحول إلى حرب. قائلًا إن الطرفين، إسرائيل وحزب الله، وجدا معادلة جديدة وهي رفع قواعد الاشتباك دون الوصول لحرب.

وأكد بشارة في النهاية أنه: "طالما الحرب في غزة مستمرة فإن عوامل التصعيد قائمة".