04-أغسطس-2024
صواريخ إيرانية

(AFP) هل سيكون الرد الإيراني قويًا أم محدودًا؟

بات في حكم المسلّم به أن إيران سترد على إسرائيل على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، على أراضيها، لكنّ الفاعل الأميركي يسعى ما أمكن إلى وضع حدودٍ للرد الإيراني، بهدف التحكّم في التصعيد الإقليمي ومنع تحوله إلى حربٍ إقليمية شاملة. خاصةً أن روسيا تراهن ـ ربما ـ على اندلاع مثل هذه الحرب، وفق ما ألمحت إليه تصريحاتٌ لنائب رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي، ديمتري ميدفيديف.

في مقابل ما يبدو أنه حرصٌ أميركي على عدم التصعيد لمرحلة الحرب الشاملة،  حيث حرص أكثر من مسؤول أميركي على تأكيد أنّ التصعيد في المنطقة ليس حتميًا.

وفي هذا الصدد تمّ الكشف عن تحركاتٍ مصرية على المستويين الدبلوماسي والأمني، تمثلت في نقل رسائل أميركية إلى إيران، خلال اليومين الماضيين، ومقتضاها تحذيراتٌ أميركية لإيران بعدم تجاوز الخطوط الحمراء في الرد على اغتيال هنية في طهران، بعد مشاركته  في حفل مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، وكذلك اغتيال القيادي العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية في بيروت.

وتقوم مصر بهذه المهمة على الرغم من أنّ علاقاتها الدبلوماسية بإيران غير مكتملة. ويفسّر هذا إلى حدٍّ ما حالة الغضب الذي ولّدته العملية الإسرائيلية الأخيرة من جهة، خاصةً لدى الوسيط القطري، ومستوى التخوف المصري من الانجراف لحربٍ إقليمية من جهة ثانية، بحيث وافقت القاهرة على مهمة "ساعي البريد" بين واشنطن وطهران على الرغم من عدم اكتمال علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، وامتعاضها من قيام إسرائيل  باحتلال محور فيلادلفيا وتدمير كل المنشآت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وإغلاقه.

 ما غاب من المعلومات، وهو الأهم، ما هو الثمن الذي ستحصل عليه إيران نظير عدم الرد بقوة أو بشكلٍ محدود؟ وهل قدّمت واشنطن ثمنًا أم اكتفت بالتلويح بالعصا فقط؟

الخطوط الأميركية الحمراء لإيران

تفيد المعلومات المتوفرة، أنّ القاهرة نقلت تحذيرات أميركية لإيران من الإقدام على استهداف مسؤولين إسرائيليين أو دبلوماسيين في أيٍّ من دول المنطقة، وكذلك استهداف مواقع أو مناطق أو مرافق مدنية أو تجارية في إسرائيل، سواء بشكل مباشر من أراضيها أو عبر حلفائها في المنطقة.

وبحسب مصادر وُصفت بالمطلعة، فإن الوسطاء المصريين لم يتحصّلوا على أي إشارات من المسؤولين في طهران بشأن طبيعة المرحلة المقبلة أو الإجراءات الإيرانية المرتقبة، وأنّ ما جرى لم يكن سوى استماع الجانب الإيراني لوجهات النظر والرسائل التي حملتها القاهرة.

وذكرت ذات المصادر أنّ الاتصالات المصرية مع المسؤولين في إيران تضمنت "نصائح بالتروي في اتخاذ القرار ودراسة كافة التداعيات والتبعات المرتقبة لأي خطوة قبل الإقدام عليها، بدعوى أن المنطقة على برميل بارود، وأن أي شرارة عشوائية قد تفجر المنطقة بالكامل".

لكنّ ما غاب من المعلومات، وهو الأهم، ما هو الثمن الذي ستحصل عليه إيران نظير عدم الرد بقوة أو بشكلٍ محدود؟ وهل قدّمت واشنطن ثمنًا أم اكتفت بالتلويح بالعصا فقط؟

وانطلقت الاتصالات المصرية عقب استقبال وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، لمساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، خلال زيارتها الحالية إلى القاهرة.

وتركزت المناقشات بينهما، وفق بيانٍ مصري، على "تطورات أزمة غزة والجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وسبل خفض التصعيد في المنطقة". وعقب اللقاء أجرى القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اتصالًا هاتفيًا، تناولا خلاله، حسب بيانٍ للخارجية الإيرانية، آخر التطورات في المنطقة، خصوصًا بعد اغتيال هنية في طهران.

ووفقاً لبيان وزارة الخارجية الإيرانية، أكد المسؤول الإيراني لنظيره المصري أن بلاده "لن تتنازل عن حقها الأصيل في اتخاذ إجراءاتٍ مضادة ضد الاحتلال الإسرائيلي". في المقابل، قال وزير الخارجية المصري إن مصر دانت في بيانها الرسمي العمل الإجرامي الذي قام به الاحتلال باغتيال هنية. وأشار إلى أن مصر تؤيد مبادرة إيران بعقد اجتماعٍ عاجل لمنظمة التعاون الإسلامي لمواجهة الأعمال العدوانية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي.

وعلّق المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير حسن هريدي، على مساعي القاهرة واتصالاتها بالقول إنّ مصر "تحاول بكل الوسائل نزع فتيل الأزمة"، لافتًا إلى أنّ "الأمور تكاد تخرج عن السيطرة، ومصر حاولت وما تزال تحاول، لكن الأوضاع في المنطقة تحتاج إلى تكاتف الجميع للحيلولة دون تفاقم الأوضاع بالمزيد"، وفق تعبيره.

أمّا المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، فنبّه إلى "احتمال وجود وساطةٍ مصرية بين إسرائيل وإيران أمر غير وارد في المرحلة الحالية، وذلك لعدم اكتمال عودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران من جانب، وتوتر العلاقات بين مصر وإسرائيل من جانب آخر، بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، واحتلالها محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتدمير كل المنشآت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وإغلاقه".