30-أغسطس-2024
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

(Getty) المعارضة تتهم ماكرون بالانقلاب على الديمقراطية

رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعيين مرشحة التحالف اليساري لرئاسة الحكومة، لوسي كاستيتس، دون أن يكون قادرًا على تعيين مرشحٍ بديل يحظى بثقة الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان).

وأمام هذا الوضع، يجازف ماكرون بتأزيم حياة الفرنسيين عبر شلّ المؤسسات، وإنْ كانت بعض التوقعات تشير إلى إمكانية "حلٍّ وسط" بتعيين شخصيةٍ توافقية أو يحصل عليها السكوت من يسار الوسط مثل برنارد كازينوف الذي سبق وأن تولى المنصب في ظل رئاسة هولاند، أو الرئيس السابق لديوان المحاسبة ديدييه ميغو، أو تعيين شخصيةٍ مشهودٍ لها بالنزاهة والكفاءة من يمين الوسط.

وفي هذا الصدد، يغازل ماكرون "قوى الوسط ويسار الوسط والاشتراكيين والخضر ويمين الوسط والجمهوريين" لضمان أغلبيةٍ برلمانية للمرشح الذي سيرسو عليه الاختيار. ويصف المحللون الفرنسيون هذا المسعى بـ"اللعبة الماكرونية" التي تقوم على استبعاد كلٍّ من حزب "فرنسا الأبية" وإريك سيوتي والتجمع الوطني، بدعوى أنهم خارج "العائلة الوسطية" التي يمكن أن تشمل، حسب ماكرون يمين الوسط (معسكر ماكرون) ويسار الوسط (الجمهوريين والحزبين الاشتراكي والشيوعي والخضر".

وكان الأسبوعان الماضيان قد شهدا إجراء مشاوراتٍ ماراتونية في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والقوى السياسية الرئيسية، أسفرت عن رفض ماكرون تعيين مرشحة التحالف اليساري لوسي كاستيتس لرئاسة الوزراء.

قد يسمي ماكرون رئيس الوزراء من يسار الوسط لكسر التحالف اليساري واستبعاد حزب فرنسا الأبية وإريك سيوتي

واستؤنفت منذ يوم أمس المشاورات الرامية لاختيار رئيسٍ جديد للوزراء وإنهاء الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها. لكن الأمر المميز في جولة النقاش الحالية أنها تجري دون مشاركة الجبهة الشعبية الجديدة، والتجمع الوطني، ورئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي.

ويقرأ المحللون في هذا الاستبعاد عدم استعداد ماكرون ومعسكره الرئاسي لتقاسم السلطة مع المعارضة. وكان ماكرون قد أصدر بيانًا عقب رفضه تعيين مرشحة التحالف اليساري قال فيه إنّ: "الحكومة التي تعتمد على برنامج وأحزاب الجبهة الشعبية الجديدة فقط ستخضع للرقابة على الفور من جانب كافة المجموعات الأخرى الممثلة في الجمعية الوطنية، والاستقرار المؤسسي لبلادنا يتطلب منا عدم الإبقاء على خيار كاستيتس"، وذلك لأن أي حكومة تترأسها ستحظى بأغلبيةٍ تزيد على 350 نائبًا ضدها، وهو ما من شأنه أن يمنعها فعليًا من التحرك".

بيان ماكرون هذا دفع بعض المحللين إلى اعتبار خطوة المشاورات مجرد حركةٍ تكتيكية لإظهار انفتاحه، لكن قراره برفض مرشح التحالف اليساري كان مبيّتًا، بالنظر إلى تصريحه السابق في العاشر من تموز/يوليو الماضي بأنّ أيّ "حزبٍ أو تحالفٍ لم يفز".

ولذلك يرى المحلل السياسي إيف سنتومير أنّ مناقشات ماكرون مع المعارضة "عقيمة"، وتنطوي على: "سوء نية من جانب الرئيس الذي يرفض ترك احتمال وجود رئيس وزراء يساريٍ على رأس الحكومة، وأيًّا كان الحل الذي سيختاره، فإن خطر عدم قدرة الحكومة على الاستمرار لن يكون مستحيلًا".

ويضيف سنتومير أن ماكرون يلعب بورقة الاستقرار المؤسسي لتبرير رفضه مرشحة تحالف اليسار، إنه إنه لو كان: "مهتمًا حقًا بالاستقرار ما كان ليفعل كل ما قام به في الأشهر والسنوات الأخيرة". لذا يرى سنتومير أن: "محاولة ماكرون كسر التحالف بين الاشتراكيين وحزب فرنسا الأبية الذي يرأسه ميلانشون تنبثق عن حسابات سياسية بحتة ولا تتعلق بمصلحة أو رؤية الدولة" كما يريد ماكرون أن يوهِم به الفرنسيين". 

المعارضة اليسارية، خاصةً حزب فرنسا الأبية، اعتبرت ما قام به ماكرون "انقلابًا مناهضًا للديمقراطية" يتم تنفيذه، حسب  المنسق الوطني لحزب "فرنسا الأبية" مانويل بومبارد،  على أساس حجةً لا معنى لها.

وتطرح أوساط مقربة من معسكر ماكرون الرئاسي 3 سيناريوهات لحل الأزمة السياسية، أوّلها: "عدم تعيين ماكرون رئيس وزراء من المعسكر الرئاسي والمجيء بدلًا من ذلك برئيس وزراء من يسار الوسط يحظى بتوافقٍ"، والسيناريو الثاني يتمثل في: "اختيار رئيس وزراء أقل توافقًا لجلب أصوات الوسط من الطرف الآخر، ويُخاطر هذا السيناريو بحالة الاستقرار الوزاري"، أما السيناريو الثالث فيتمثل في اختيار حكومة تكنوقراط مستقلة لإدارة المرحلة الانتقالية.