16-أغسطس-2024
جنود إسرائيليين

(AP) حرب غزة استنزفت الجيش الإسرائيلي

كشف قسم إعادة التأهيل في وزارة الأمن الإسرائيلية عن حصيلةٍ جديدة للجنود والضباط الجرحى والقتلى. وتُبيّن الحصيلة الجديدة التي وصفت بالكارثية في الدوائر الإسرائيلية مدى الاستنزاف الذي لحق بالقوات الإسرائيلية في فترة تقل عن سنة.

وتم الكشف عن الحصيلة الجديدة بالتزامن مع بدء جولة جديدة من مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في الدوحة، وفي ظلّ مخاوف من اندلاع حربٍ إقليمية شاملة بين إسرائيل وإيران على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.

ويرى محللون أن توقيت الإعلان عن حصيلة خسائر جيش الاحتلال الجديدة، يمثل ضغطًا إضافيًا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لدفعه للموافقة على الصفقة المطروحة على الطاولة منذ نهاية أيار/مايو الماضي تاريخ إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عنها.

آلاف الجنود المعاقين والمضطربين نفسيًا

استقبل قسم إعادة التأهيل في الجيش الإسرائيلي 10 آلاف و56 جنديًا منذ بدء العدوان على قطاع غزة، وبهذه الحصيلة الجديدة يصل عدد المعاقين في الجيش الإسرائيلي الذين تم علاجهم في قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الأمن الإسرائيلية من جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل إلى 72 ألفًا و56 جنديًا وضابطًا معاقًا، يعانون اضطرابات عقلية ونفسية وصدمات ما بعد الحرب. هذا بالإضافة لاستقبال أكثر من 1000 جندي جريح جديد شهريًا، ووصول حصيلة قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 690 جنديًا وضابطا، بينهم 330 بالمعارك البرية في قطاع غزة.

تبين معطيات جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه بحلول نهاية العام 2024، سيكون على قسم إعادة التأهيل الاعتناء بحوالي 82 ألف معاقٍ بين صفوف الجنود

وتبين معطيات جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "بحلول نهاية العام 2024، سيكون على قسم إعادة التأهيل الاعتناء بحوالي 82 ألف معاقٍ من الجيش الإسرائيلي، مما يعني إضافة 20 ألف جريح ومعاق جراء الحرب" بحسب تقديرات وزارة الأمن الإسرائيلية.

وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي "يشكو 35% من الجنود الجرحى من القلق والاكتئاب والاضطراب العقلي أو اضطراب ما بعد الصدمة، بينما يعاني 37% من إصابات الأطراف، علمًا أن 68% منهم من جنود الاحتياط، ومعظمهم من الشباب، حيث إن 51% منهم تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، و31% تتراوح أعمارهم بين 30 و40 سنة".

كما تكشف المعطيات الإسرائيلية الجديدة المفصّلة أنّ "أكثر من 2800 جندي يشكلون 28% من المصابين يعانون من عدم قدرتهم على التأقلم مع إصابتهم، ويعانون من اضطرابات نفسية تزيد من صعوبات التكيف والتواصل مع المجتمع".

وأشارت المعطيات الجديدة أيضًا إلى أنّ "أكثر من 3700 من الجنود والضباط الجرحى يعانون من إصابات بالأطراف، حيث إن 192 منهم يعالجون جراء إصابات في الرأس، و168 يعانون من إصابات بالعيون، و690 يتعالجون جراء إصابات بالظهر والعمود الفقري، علما أن 50 جريحا هم من مبتوري الأطراف".

وأمام هذه الحصيلة الكبيرة خصصت الوزارة المسؤولة عن الجيش 10 مراكز تأهيل في جميع أنحاء إسرائيل، وذلك "بهدف إعادة تأهيل الجرحى وعلاج المعاقين في الجيش الذين يعانون من اضطرابات عقلية".

وأمام هذه الوضعية الجديدة لم يجد المدير العام لوزارة الأمن العقيد (احتياط) إيال زمير، بدًّا من دعوة إدارة الوزارة "لنقاشٍ خاص حول إستراتيجية استيعاب وعلاج آلاف جرحى الحرب، إلى جانب استمرار علاج 62 ألف معاق في الجيش والمؤسسة الأمنية من الحروب السابقة".

موضحًا في بيانه الذي تضمن الدعوة أن قسم إعادة التأهيل يوجد في طليعة أعمال الوزارة خلال الحرب، قائلًا إنها "مواجهة غير مسبوقة، وعلى نطاق لم نكن نعهده في الحروب السابقة"، متوقعًا المزيد من الجرحى والإعاقات بصفوف الجنود والضباط إذا ما استمر القتال، "وهو ما يتطلب تعبئةً فورية لجميع هيئات الحكومة ومواردها لنتمكن من إعادة تأهيل الجرحى" وفق تعبيره.

وبحسب رئيسة قسم التأهيل في جيش الاحتلال الإسرائيلي ليمور لوريا، وفقًا لتوقعات قسم إعادة التأهيل، فإنه "بحلول عام 2030، سيكون هناك 100 ألف جندي وضابط معاق في الجيش الإسرائيلي، يعانون الإضرابات العقلية والاكتئاب والقلق والصدمة، حيث سيواجه 50% منهم إصابات جسدية".

وحذرت لوريا من أن إسرائيل "تتعامل مع حجم غير مسبوق من الجرحى، ونسبة لا تسمح باستجابة علاجية كافية، ودعت الوزارات الحكومية للتكاتف وتشكيل خطة من أجل تأهيل القوات واستقبال آلاف الجرحى، الذين وصلوا وسيستمرون في الوصول".

الاستنزاف الكبير

يرى المحلل العسكري في القناة 13 الإسرائيلية ألوان بن دافيد، أن هذه الأعداد الكبيرة تستنزف قدرات وقوات الجيش وخاصةً قوات الاحتياط، وهو ما يدل على عدم جاهزية الجيش والقوات البرية لمواجهة حربٍ شاملة مع حزب الله.

تتعامل دولة الاحتلال مع حجم غير مسبوق من الجرحى، ونسبة لا تسمح باستجابة علاجية كافية، ودعت الوزارات الحكومية للتكاتف وتشكيل خطة من أجل تأهيل القوات واستقبال آلاف الجرحى، الذين وصلوا وسيستمرون في الوصول

كما اعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي أن البيانات بشأن حصيلة الإصابات والإعاقات "دليلٌ على ما لا يجرؤ الجيش الإسرائيلي على قوله، وهو أنه غير مستعد لحملة عسكرية واسعة في لبنان"، لافتا إلى أن أكثر من 500 آلية عسكرية تضررت جراء المعارك بغزة.

مضيفًا أنّ "هناك إحصائيةً مثيرة للقلق، مفادها أن 46% من الجمهور الإسرائيلي يعتقد أن على إسرائيل أن تبدأ حربًا ضد حزب الله، حتى مع استمرار القتال في غزة".

ولفت بن دافيد إلى أن هذا المعطى الإحصائي وهذا الرقم يشير إلى "فجوةٍ في توقعات الجمهور الإسرائيلي بشأن قدرات الجيش الإسرائيلي، وبالتالي يجب قول الحقيقة: ليس لدى الجيش ما يكفي من القوات، لقد استنزفت بالقتال في غزة".

ويردف المحلل العسكري الإسرائيلي: "إذا فرضت على إسرائيل حرب واسعة النطاق ضد حزب الله، فإن الجيش الإسرائيلي سيقاتل بما لديه، وسيضر بالعدو أكثر، وفي الاحتمال الأرجح، لن ينتهي الأمر، وستجد إسرائيل نفسها في حرب استنزاف طويلة الأمد".

وأضاف أنه "من المهم التوضيح أن الجيش الإسرائيلي غير قادرٍ حاليًا على تحقيق إنجاز كبير ضد حزب الله، من شأنه أن يغير الواقع في الشمال بشكل كبير، وفي أحسن الأحوال ستنتهي الحرب بتسوية سيئة ستتحقق بثمنٍ مؤلم".