20-نوفمبر-2024
مساعدات غزة

صورة أرشيفية لموظفي الأمم المتحدة أُلتقطت في أكتوبر 2023 (رويترز)

فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حصارًا مطبقًا على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، معرضًا حياة مئات الآلاف من المدنيين للإبادة الجماعية والطبية، وزعم في أكثر من مرة أنه اتخذ خطوات للحد من الحصار بالسماح لعشرات شاحنات المساعدات بالدخول إلى جنوب غزة، بعدما كان يصل عدد إلى نحو 600 شاحنة قبل أكثر من عام، وهو ما دفع بالمنظمات الدولية إلى اتهام الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم "تطهير عرقي" في القطاع.

ونتيجة لذلك، حذرت المنظمات الدولية والإنسانية، بما فيها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من أن القطاع يقترب من نقطة اللاعودة، إذ من المتوقع استشهاد عشرات الفلسطينيين يوميًا بسبب الجوع. وشدد على أن الإعلان الرسمي عن المجاعة في قطاع غزة بات ضروريًّا، خاصة في شماله، بما يفرضه ذلك من التزامات قانونية وأخلاقية على المجتمع الدولي لمنع تفاقم الأزمة.

كما أكدت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لويز ووتريدج، في تصريحات سابقة أنه "ببساطة لا توجد مساعدات إنسانية كافية في غزة، ليس فقط خلال الأيام والأسابيع الأخيرة، ولكن أيضًا طوال مدة الحرب الإسرائيلية الوحشية المستمرة 13 شهرًا".

زعمت حكومة الاحتلال في أكثر من مرة أنه اتخذ خطوات للحد من الحصار بالسماح لعشرات شاحنات المساعدات بالدخول إلى جنوب غزة

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قالت الأمم المتحدة إن السلطات الإسرائيلية رفضت أو علّقت 85 بالمئة من محاولاتها لتنسيق قوافل المساعدات والزيارات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال حملة التهجير القسري الممنهج تحت تهديد السلاح في شمالي قطاع غزة.

وبالإضافة إلى الحصار المُطبق الذي يفرضه الاحتلال على القطاع، فإنه يلجأ إلى حيلة توفير الحماية للعصابات الإجرامية التي تنهب شاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال. وتقول تقارير منفصلة إلى الاحتلال يدرس التعاقد مع شركات أمنية خاصة أميركية للإشراف على تسليم توزيع المساعدات في القطاع.

عصابات بحماية الاحتلال تنهب المساعدات

تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية نقلًا عن مسؤولي منظمات الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني وشركات النقل وشهود العيان في القطاع إن: "عصابات منظمة تقوم بسرقة الكثير من المساعدات التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى القطاع"، مشيرةً إلى أن هذه العصابات "تعمل بحرية" في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال.

وأوضح الأشخاص الذين تحدثوا للصحيفة الأميركية أن عمليات النهب المنظمة أصبحت العائق الأكبر لتوزيع المساعدات في جنوب غزة، وأضافوا أن العصابات المسلحية التي يقودها زعماء الجريمة المحلية في القطاع، قتلوا واعتدوا بالضرب واختطفوا سائقي شاحنات المساعدات في المنطقة المحيطة بمعبر كرم أبو سالم، وهو نقطة خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن العصابات التي تقوم بنهب المساعدات، مرتبطة بتاجر مخدرات، وشخص آخر كان سابقًا على علاقة مع "داعش". وتشير مذكرة داخلية للأمم المتحدة حصلت عليها الصحيفة إلى أن زعماء العصابات يحظون بـ"حماية" جيش الاحتلال، مضيفة أن أحدهم "أنشأ مجمعًا عسكريًا" في منطقة "مقيدة وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي ودورياته".

وقالت الصحيفة نقلًا عن شهادات العاملين في المجال الإنساني إن العصابات استولت في أحدث عمليات النهب التي نفذتها على 98 شاحنة من أصل 109 شاحنة كانت في طريقها من معبر كرم أبو سالم إلى داخل القطاع المحاصر، مشيرةً إلى أنه نتيجة لانخفاض المساعدات إلى أدنى مستوياتها منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، فإن سكان القطاع المحاصرين يواجهون "خطر المجاعة"، الذي تصفه بأنه "الأكثر شدة في الشمال"، مؤكدة أن "السكان (القطاع) بالكامل يواجهون الآن انعدام الأمن الغذائي الحاد".

شركات مقاولة لتوزيع المساعدات

في السياق ذاته، تشير تقارير منفصلة إلى دراسة الاحتلال الإسرائيلي التعاقد مع شركات أميركية خاصة لتسليم المساعدات في شمال غزة، وبحسب ما نقلت إذاعة جيش الاحتلال، فإن الخطة سيتم تجربتها للمرة الأولى في مخيم جباليا، وأضافت أنه بعد المصادقة عليها من قبل حكومة الاحتلال، فإنها تحتاج من 60 إلى 90 يومًا لبدء تنفيذها، وفقًا لموقع "عرب 48".

من جانب آخر، أشار موقع "أكسيوس" الأميركي، أمس الثلاثاء، إلى حكومة الاحتلال تسلّمت دراسة قدمتها شركة "أوربيس" الاستشارية للأمن القومي الأميركية، تقترح في مضمونها الخطة التي يمكن تنفيذها لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن في القطاع، ويزعم الموقع أن حكومة الاحتلال لجأت لهذه الخطوة بعد ضغوطات أميركية مورست عليها لإدخال المساعدات إلى غزة.

وبحسب "أكسيوس"، فإن الدراسة وصلت إلى وزارة الأمن، ومكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وأن الأخير عقد اجتماعًا لمناقشتها مع كبار المسؤولين في الحكومة.

وأوضح الموقع أن الدراسة تقترح "إنشاء مركز من قبل منظمة مساعدات خاصة (بدلًا من الأمم المتحدة)"، وتضيف أنه "سيتم تأمين المركز من قبل مقاولين من القطاع الخاص، يعملون بالتنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي"، كما تقترح الدراسة خطة لتمويل المشروع من قبل الدول المانحة.