09-سبتمبر-2024
معسكر خليفة حفتر

(Getty) معسكر خليفة حفتر يتحفز للسيطرة على الجنوب الليبي

يسعى معسكر حفتر في ليبيا إلى بسط نفوذه على الجنوب الليبي (منطقة غنية بالذهب والنفط والغاز)، متبعًا في ذلك استراتيجيةً من بُعدين، الأول نشر المزيد من القوات على الحدود الجنوبية للبلاد مع النيجر وتشاد والسودان، والثاني إطلاق البرامج التنموية في المنطقة ضمن ملف إعادة الإعمار الذي يشرف عليه نجله بلقاسم حفتر، والذي حصل على تمويلٍ سخي من مصرف ليبيا المركزي قبل الأزمة التي عرفها مؤخرًا.

وفي طرف الاستراتيجية التنموية لتعزيز الوجود في الجنوب الليبي، أطلق حفتر الخميس الماضي، من مدينة سبها كبرى مناطق الجنوب الليبي، مؤتمر الإعمار الأول في الجنوب بمشاركة نجليه بلقاسم وصدام، اللذين دشنا في الوقت نفسه خططًا لحزمة من المشاريع الإنمائية والخدمية في عدة مناطق بالجنوب من خلال أجهزة الإعمار التابعة لهما.

وكانت القيادة العسكرية التابعة لحفتر سيّرت، منذ أسابيع، أرتالًا من قواتها المسلحة نحو أقصى الجنوب الغربي: "لضمان الأمن على طول الحدود ولمواجهة الأوضاع غير المستقرة في البلدان المجاورة"، بحسب المكتب الإعلامي لقيادة حفتر. كما عرفت الفترة ذاتها قيام صدام حفتر، المرشح لخلافة والده، بزيارتين للنيجر، كانت الأخيرة منهما نهاية الأسبوع الماضي. كما أجرى وزير الداخلية النيجري الجنرال محمد توما زيارةً إلى بنغازي هدفها المعلن: "تعزيز التعاون الأمني لا سيما تشديد الرقابة على الحدود المشتركة".

يرى المحللون المتابعون للشأن الليبي أنّ حفتر يتخذ من سياسة الإعمار غطاءً لإخفاء مشروع السيطرة على الجنوب الليبي

وتلتقي الاستراتيجية "الحفترية" مع "استراتيجيةٍ روسية" ترى في الجنوب الليبي منطقةً ضروريةً لنقل العتاد العسكري إلى العمق الإفريقي بأقل تكلفة، هذا فضلًا عن الحصول على مصادر لتمويل مشروعها من خلال أنشطة التهريب والتنقيب عن الذهب، وكذلك السيطرة على ممرات الهجرة غير النظامية لاستخدامها كورقة لتهديد السواحل الأوروبية الجنوبية، وكذلك الاستحواذ على مواقع الطاقة لخنق أوروبا بحرمانها من النفط والغاز الليبي.

ويرى المحللون المتابعون للشأن الليبي أنّ حفتر يتخذ من سياسة الإعمار غطاءً لإخفاء مشروع السيطرة على الجنوب الليبي. وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الأمني، المستشار السابق للقائد الأعلى للجيش عادل عبد الكافي، أنّ الحدث الأهم في أنشطة حفتر في الجنوب الليبي هو "تحركاته العسكرية الحثيثة أخيرًا لتعزيز سيطرته على مناطق الجنوب"، لافتًا إلى أن هذه التحركات جاءت في ثلاثة اتجاهات رئيسية هي: غدامس، والثانية في اتجاه الحدود مع النيجر، والثالثة في اتجاه جبال كالنجا الواقعة في الداخل الليبي على الحدود مع تشاد، وفق صحيفة وموقع "العربي الجديد".

وبحسب الخبير الأمني، فإن العملية العسكرية التي أجرتها مليشيا 128، أقوى مليشيات حفتر بالجنوب، في جبال كالنجا، منتصف الشهر الماضي، هدفت إلى: "السيطرة على هذه الجبال الغنية بحقول الذهب، حيث تمكنت من طرد مليشيا مكونة من التبو الليبيين يقودهم نجل علي سيدا، الذي كان والده متحالفًا مع حفتر قبل أن ينشق عنه ويستقل بهذه المنطقة".

وتحقق السيطرة على مناجم كالنجا للذهب مصدر تمويل مهم لحفتر، فيما تحقق له السيطرة على غدامس: "سيطرةً على حوضها الكبير الذي يحوي 13 تريليون متر مكعب من الغاز، وضمه إلى حقول النفط والغاز الأخرى التي تقع ضمن نفوذه في الجنوب والجنوب الشرقي".

ويرجح الخبير الأمني الليبي أيضًا أن الاتجاه إلى غدامس وجبال كالنجا "تقف وراءه أوامر روسية"، منوّهًا إلى أن الاتجاه الأهم بالنسبة لموسكو هو: "نحو إحكام سيطرة حفتر على الحدود مع النيجر، لإدارة قرابة 18 ممرًا في المنطقة تؤمن الانتقال السلس للروس والأقل جهدًا لنقل المعدات العسكرية إلى دول العمق الإفريقي، النيجر ومنها إلى مالي وبوركينا فاسو التي دعمت فيها انقلابات عسكرية ومكّنت لحكمها أنظمة تمرد عسكرية موالية لها".

ويعتقد عبد الكافي أنّ المشروع الروسي لبناء الفيلق الإفريقي انتهى في المرحلة الأولى من بناء منظومة لوجستية وقواعد تمركز في ليبيا في الأراضي التي يسيطر عليها حفتر، في قواعد طبرق والخروبة في الشرق، وقواعد الجفرة وبراك الشاطئ وسط الجنوب، بأحدث التجهيزات والتقنيات العسكرية، وبالتوازي بنت روسيا وجودًا لها في دول العمق الإفريقي بترسيخ أنظمة حكم عسكرية موالية لها. وتابع قائلًا: "يترتب على هذه المرحلة مرحلة أخرى، وهي المرحلة الحالية للربط بين وجودها في ليبيا وفي دول العمق الإفريقي عبر الحدود الليبية النيجرية".

يشار إلى أنّ روسيا تجهز، لبناء قاعدة عسكرية في ميناء طبرق لتسهيل وصول العتاد العسكري، ونقله برًا إلى قاعدة الخروبة ومنها جوًا إلى قاعدتي الجفرة وبراك الشاطئ وسط الجنوب. وفي هاتين القاعدتين: "يتم نشر جزء من الأسلحة والمقاتلين الروس في الداخل الليبي، ويتعيّن نقل جزء آخر إلى دول العمق الأفريقي الذي لن يكون إلا عبر النيجر، ولذا فإن إحكام السيطرة على نطاق الشريط الحدودي مع النيجر جزء أساسي في المرحلة الثانية لانسياب التنقل الروسي عبره" حسب عبد الكافي.