يتقدّم جيش الاحتلال الإسرائيليّ في رفح تجاه وسط المدينة، حيث دمّر عشرات المباني على طول الطريق، بالتزامن احتلال الجيش الإسرائيليّ محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر.
وتقدّم العدوان الإسرائيليّ، الّذي بدأ في 6 أيّار/مايو، ببطء، لكنّه أدّى بالفعل إلى تغيير جذريّ في جغرافيّة منطقة رفح، وتشريد أكثر من مليون فلسطينيّ، وأدّى إلى مجزرة كبيرة، في قصف على مخيّم للنازحين.
الهجوم الإسرائيلي على رفح متدرج، لكن عدد القوات وسلوك جيش الاحتلال لا يختلف عن العدوان على خانيونس
وحذّر الرئيس الأميركيّ بايدن إسرائيل في 8 أيّار/مايو من أنّه سيحجب الأسلحة عنها إذا تحرّكت صوب "المراكز السكّانيّة" في رفح. وتوضّح صحيفة "الواشنطن بوست": "هو خطّ أحمر يبدو أنّه ينحسر وسط الهروب الجماعيّ الفوضويّ للمدنيّين". ولأوّل مرّة، قال الجيش الإسرائيليّ، يوم الجمعة، إنّ "قوّاته تعمل في وسط رفح".
ومع تقدّم الجيش الإسرائيليّ وتزايد الغضب الدوليّ، تقول الولايات المتّحدة الآن إنّها لا تريد أن ترى "عمليّة كبيرة" في المدينة. وعندما سئل المتحدّث باسم مجلس الأمن القوميّ الأميركيّ جون كيربي، يوم الثلاثاء، عن كيفيّة تعريف واشنطن لهذا المصطلح، وصفه بأنّه "آلاف وآلاف من القوّات تتحرّك بطريقة مناورة ومركّزة ومنسّقة ضدّ مجموعة متنوّعة من الأهداف على الأرض".
وأرسلت إسرائيل لواء إضافيًّا إلى رفح هذا الأسبوع، ولديها الآن ستّة ألوية يهاجمون المدينة وما حولها، وفقًا لإذاعة جيش الاحتلال. وهذه قوّة قتاليّة مماثلة في الحجم لتلك الّتي ساهمت بالعدوان على خانيونس، وهي مدينة جنوبيّة أكبر.
وقال وزير الأمن الإسرائيليّ يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، إنّ إسرائيل تخطّط لتوسيع هجومها في رفح، والّذي وصفه بأنّه عمليّة "دقيقة".
وأظهرت صور ومقاطع فيديو عبر الأقمار الصناعيّة، تمّ التحقّق من صحّتها من قبل "الواشنطن بوست"، هجومًا إسرائيليًّا يتعدّى بشكل مطّرد على وسط رفح، مع دخول الآليّات العسكريّة إلى حيّ تلّ السلطان الغربيّ، وهو موقع تركّز العديد من المدنيّين الّذين بقوا. وتشير صور الأقمار الصناعيّة أيضًا إلى حشد إسرائيليّ بالقرب من منطقة العودة، الّتي تعتبر قلب المدينة.
الطفل عائد الأضم (14 عامًا) نازحٌ من حي النصر في مدينة #غزة إلى بلدة الزوايدة وسط القطاع، يعمل على إصلاح قدّاحات (ولّاعات) النازحين، المستخدمة في إشعال النار، بعد نفادها من الأسواق.
📸 عبد الكريم السموني (الترا فلسطين) pic.twitter.com/rKkx0KNxMb
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) June 1, 2024
وقامت قوّات جيش الاحتلال الإسرائيليّ بتدمير مساحات كبيرة من الأراضي في شرق رفح في أثناء تقدّمها على طول الحدود المصريّة في الأسابيع الأخيرة، وهدمت المباني وحرثت الحقول، ممّا يعكس الهدف لتأسيس مناطق عازلة عسكريّة.
ويوم الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيليّ أنّه سيطر بالكامل بشكل "تكتيكيّ" على ممرّ فيلادلفيا.
وقال بلال صعب، وهو مسؤول سابق في البنتاغون ومحلّل عسكريّ في مركز أبحاث تشاتام هاوس: "إنّ أيّ شخص لديه فهم أوّليّ للعمليّات العسكريّة يمكنه أن يرى أنّ الهجوم على رفح يجري الآن". مضيفًا: أنّه "قد لا يفي بمعايير الإدارة الأميركيّة، لكنّه ليس أقلّ فتكًا".
واستعرضت الصحيفة الأميركيّة صور الأقمار الصناعيّة الّتي أظهرت ما حدّده أحد الخبراء على أنّه مركّبة عسكريّة إسرائيليّة على جانب أحد الشوارع في تلّ السلطان يوم الأربعاء. ويظهر مقطع فيديو التقط يوم الثلاثاء مسارات على طول الطريق نفسه، والّتي قال الخبراء إنّها عادة ما تكون بواسطة مركّبات عسكريّة ثقيلة.
وقال سام روز، المسؤول في وكالة الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيّين: "لقد تقدّمت الأمور بسرعة كبيرة. المخيّمات المحيطة بنا بدأت تفرغ".
وبجوار مستشفى ميدانيّ إماراتيّ في منطقة العودة، الّتي يعتبرها السكّان قلب المدينة، تظهر صور الأقمار الصناعيّة يوم الإثنين مجموعتين يبلغ مجموعهما أكثر من عشرين مركّبة، ذات طبيعة عسكريّة.
وقال ويليام جودهيند، الباحث في المصادر المفتوحة في "Contested Ground، وهو مشروع بحثيّ يتتبّع التحرّكات العسكريّة باستخدام صور الأقمار الصناعيّة: "إنّ حقيقة تجميعهم معًا تشير إلى أنّ هذه المنطقة آمنة".
وقال شلومو بروم، العميد العسكريّ الإسرائيليّ المتقاعد، إنّه على الرغم من أنّ التحرّك نحو رفح كان "أكثر تدريجيًّا" من الهجمات السابقة في خانيونس ومدينة غزّة، إلّا أنّه لا يزال "هجومًا كامل الحجم".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كانون الأوّل/ديسمبر الماضي إنّ ممرّ فيلادلفيا "يجب أن يكون في أيدينا من أجل جعل غزّة منزوعة السلاح عندما ينتهي القتال".
وقال بروم: "إنّه أمر مهمّ للغاية عندما تفكّر في الوضع الأمنيّ والعسكريّ في اليوم التالي"، مقارنًا إيّاه بممرّ نتساريم الّذي تسيطر عليه إسرائيل، والّذي يقسم غزّة إلى قسمين، ويستخدم لمنع الفلسطينيّين من العودة إلى الشمال.
وحذّر مسؤولون أميركيّون إسرائيل من أيّ جهود من شأنها تقليص مساحة قطاع غزّة. ولكن حتّى قبل عمليّات الهدم في رفح، تآكل أكثر من 16% من قطاع غزّة بسبب المناطق العازلة، وفقًا لتحليل عديّ بن نون، أستاذ البيانات الجغرافيّة في الجامعة العبريّة في القدس.
وقال أمير أفيفي، العميد المتقاعد في الجيش الإسرائيليّ، إنّه من غير الواضح إلى متى تنوي القوّات الإسرائيليّة البقاء على الحدود المصريّة، لكن من المحتمل أن يرغب الجيش الإسرائيليّ في الحفاظ على تقنيّة الكشف عن الأنفاق إلى أجل غير محدّد.