26-أغسطس-2024
بلدة الخيام

تصاعد ألسنة الدخان جراء غارة إسرائيلية استهدفت بلدة الخيام بجنوب لبنان (رويترز)

أكد الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أن الرد العسكري على اغتيال القيادي البارز، فؤاد شكر، كان "ناجحًا"، مشيرًا إلى أن رد الحزب جاء على مرحلتين، فيما ذكرت تقارير عبرية أن الولايات المتحدة ترى أن "ضبط" الحزب لرده يمكن أن يؤدي إلى تسوية مع "حزب الله" في جنوب لبنان، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة.

وكان "حزب الله" قد شن هجومًا واسعًا بمئات الصواريخ والمسيّرات الانقضاضية، أمس الأحد، استهدف 12 قاعدةً عسكرية لجيش الاحتلال، في سياق الرد على اغتيال شكر، نهاية الشهر الماضي، في حين قال جيش الاحتلال إنه استبق رد "حزب الله" باستهداف بلدات جنوب لبنان بـ40 غارة جوية نفذتها 100 طائرة مقاتلة لتفادي هجوم أكبر.

نصر الله يؤكد نجاح الرد على اغتيال شكر

وفي كلمة متلفزة بثتها قنوات تلفزيونية، بما فيها "التلفزيون العربي"، أرجع نصر الله سبب تأخر الرد على اغتيال شكر إلى "الاستنفار الأميركي والإسرائيلي"، فضلًا عما وصفه بـ"عقاب للعدو"، مشيرًا أيضًا إلى أن التأخر كان لـ"إعطاء الفرصة كاملة للمفاوضات بشأن غزة، لكن (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو وضع شروطًا جديدة، وأميركا تماهت معه".

وفقًا لنصر الله فإن "حزب الله" قرر الرد على اغتيال، فؤاد شكر، بشكل منفرد، وكل طرف في المحور سيقرر متى رده والاستنفار قد يستمر لأشهر

وأوضح نصر الله أن الحزب قرر "القيام بعمليتنا (الرد على اغتيال شكر) ضد إسرائيل بشكل منفرد، وكل طرف في المحور سيقرر متى رده والاستنفار قد يستمر لأشهر"، في إشارة إلى رد طهران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، ورد جماعة "أنصار الله الحوثي" اليمنية على استهداف المقاتلات الإسرائيلية ميناء الحُديدة.

ولفت نصر الله إلى أن الحزب قرر أن "يكون الهدف في العمق وقريبًا من تل أبيب.. حرصنا على استهداف مواقع للمخابرات العسكرية وسلاح الجو الإسرائيلي لصلتهما باغتيال القيادي شكر"، موضحًا أنهم حددوا "قاعدة غليلوت كهدف أساسي لعمليتنا، وتتواجد فيها الوحدة 8200 المعنية بالجمع العلني والتنصت والتجسس، وتبعد عن حدود لبنان 110 كلم وعن تل أبيب 1500 متر فقط".

ومضى قائلًا: "عمليتنا اليوم كانت من مرحلتين، الأولى أطلقنا فيها 340 صاروخ كاتيوشا استهدفت 12 موقعًا وثكنة عسكرية في شمال إسرائيل و(هضبة) الجولان (السورية المحتلة)، والثانية وجهنا عشرات المسيّرات نحو أهداف عسكرية في العمق".

ونوه نصر الله إلى أن "إسرائيل قصفت اليوم مواقع في الجنوب اللبناني سبق وأخلاها القيادي شكر (قبل اغتياله) من الصواريخ الاستراتيجية"، مؤكدًا أن الغارات الجوية "لم تُصب أي منصة للمقاومة قبل بدء العمل".

وأشار نصر الله إلى "حزب الله" سيتابع "نتيجة تكتم العدو عما جرى اليوم، وإذا كانت النتيجة مرضية، فنعتبر أن عملية الرد قد تمت، وإذا لم تكن النتيجة كافية فسنحتفظ بحق الرد حتى وقت آخر".

من جانبه، أكد وزير الخارجية في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، أن "إسرائيل" لا تسعى إلى حرب شاملة، لكن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قال "هذه ليست نهاية القصة"، مضيفًا "عازمون على بذل كل ما في وسعنا للدفاع عن بلدنا، وإعادة سكان الشمال بسلام إلى منازلهم ومواصلة الالتزام بقاعدة بسيطة: من يؤذينا نؤذيه"، وفق تعبيره.

وقال دبلوماسيان لوكالة "رويترز" إن "إسرائيل" و"حزب الله" تبادلا رسائل مفادها أن أيًا منهما لا يريد مزيدًا من التصعيد، وأضاف الدبلوماسيان أن الرسائل ركزت على أن الاشتباك قد تم وانتهى.

وفي السياق، أكد مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال اتصال هاتفي بوزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، اليوم الإثنين، تأييده "موقف لبنان المطالب بالتطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن الرقم 1701"، بينما شدد بو حبيب على "ضرورة أن يمارس الاتحاد الأوروبي ضغوطًا على إسرائيل لتوقف عدوانها المستمر على لبنان وتلتزم بتنفيذ القرار 1701".

ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بدأ "حزب الله"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية، شن عمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية لجيش الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة، رد عليها الاحتلال بقصف قرى وبلدات الجنوب الواقعة على "الخط الأزرق" الفاصل بين جنوب لبنان، فضلًا عن شنه غارات متفرقة في عمق الأراضي اللبنانية، وصولًا إلى العاصمة بيروت.

ويقول "حزب الله" إن جبهة الجنوب المشتعلة هي "جبهة إسناد" للفصائل الفلسطينية في غزة، ويربط توقف المواجهات على الجبهة الشمالية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

رد "حزب الله" لن يؤثر على مفاوضات غزة

وتعليقًا على رد "حزب الله"، رأى الخبير العسكري والإستراتيجي، إلياس فرحات، في حديث لـ"التلفزيون العربي" أن "إسرائيل لن ترد بعد الهجوم الذي نفذه "حزب الله"، وستكتفي بما قاله نتنياهو بأن جيش الاحتلال دمر ستة آلاف صاروخ، وأنه حمى تل أبيب بعدما طلب من سكانها النزول إلى الملاجئ، وأنقذها من كارثة وصول الصواريخ، كما أنه وجه ضربة استباقية للحزب".

وأضاف فرحات بأن "الادعاءات الإسرائيلية بأنها وجهت ضربة استباقية ودمرت صواريخ حزب الله هي ادعاءات فارغة غير مثبتة بأي دليل"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى رد الحزب لن يؤثر سير عملية مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة، موضحًا ذلك بقوله: "كان بإمكان القيادة الإسرائيلية ونتنياهو أن لا يرسلوا الوفد إلى القاهرة كإجراء احترازي احتجاجًا على هجوم حزب الله، لكنه حضر المفاوضات".

وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية قد أفادت، اليوم الإثنين، بأن الولايات المتحدة، التي ساهمت بدعم إسرائيل بمعلومات استخباراتية، وعملت من وراء الكواليس على منع تدهور الأوضاع، تعتقد أن "عملية الردع التي أقدمت عليها أثبتت نفسها"، وأن الحزب ضبط رده بناء على ذلك.

وأضافت الصحيفة العبرية أن "إسرائيل" والولايات المتحدة قد تترجمان "النجاح" للتقدم نحو تسوية مع "حزب الله" وإبرام صفقة مع "حماس" تعيد المحتجزين الإسرائيليين، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تسمّه قوله: "هناك رضا عن الهجوم الاستباقي والرسالة من قبل إسرائيل".

ورأى المسؤول الإسرائيلي أن "هذا يمنح إسرائيل موقفًا أقوى في المراحل المقبلة"، مضيفًا "كانت هناك حيرة بشأن توجيه ضربة استباقية، والآن هناك رضا إزاء القرار، والنتائج التي لم تؤدِ إلى حرب إقليمية بخلاف التحذيرات. هذا الأمر أدى إلى وضع إسرائيل بموقف قوي أكثر أمام حزب الله، ويعزز الاستعداد لاتخاذ قرارات".