30-يوليو-2024
كامالا هاريس

عقيدة كامالا هاريس في السياسة الخارجية (فورين بوليسي)

سلّطت مجلة فورين بوليسي الضوء على ملامح السياسة الخارجية التي يمكن أن تنتهجها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس حال وصولها إلى البيت الأبيض. ومن أجل تحديدٍ موضوعيٍ لخيارات هاريس في ملفات السياسية الخارجية، التي تشمل استراتيجيةَ مواجهة الصين وروسيا، وإدارة العلاقات الأميركية مع أوروبا والهند وجنوب آسيا ومنطقتي المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط، وفي القلب منه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، استعانت المجلة بآراء عدد من الخبراء بينهم مسؤولين حاليين وسابقين وموظفين في الكونغرس وصحفييها المتمرسين بموضوعات السياسة الخارجية الأميركية.

واستهلّت المجلة تقريرها المطول بالتأكيد أنه مع فوز هاريس، شبه المحسوم،  بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض السباق الرئاسي، فإنّ أحد أكبر الأسئلة التي تدور في أروقة مطابخ الديبلوماسية العالمية هو كيف ستبدو عقيدة هاريس في السياسة الخارجية إذا فازت في الانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل؟

رأت فورين بوليسي أنه ليس من السهل تحديد الاختلافات بين وجهات نظر الرئيس، جو بايدن، ونائبته في السياسة الخارجية، "نظرًا لأنّ كليهما حاولا تقديم نفسيهما على أنهما على توافقٌ تام فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية والأمن القومي على مدى ما يقرب من 4 سنوات".

هاريس والصّين

اعتبرت مجلة فورين بوليسي أنّ كامالا هاريس  تملك سجلًّا محدودًا نسبيًا فيما يخصّ العلاقات مع الصين، مقارنةً بما حقّقه بايدن من إنجازاتٍ يحق له التباهي بها، وهو الذي تعامل ردحًا من الزمن مع الزعيم الصيني شي جين بينغ حتى عندما كان نائبًا للرئيس الأميركي باراك أوباما ومرشحًا للرئاسة في عام 2020.

وحسب فورين بوليسي، ربما تكون أقوى تجارب هاريس في تعاملها مع الصين هي الوقت الذي قضته في سعيها لدعم التحالفات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من موقعها نائبة للرئيس. حيث سافرت هاريس 3 مرات إلى جنوب شرق آسيا حطت خلالها الرحال في سنغافورة وفيتنام وتايلاند والفلبين وإندونيسيا. وتضمنت زيارتها إلى الفلبين التوقف في مقاطعة بالاوان، وهي أرخبيل في بحر جنوب الصين؛ وشددت خلال الرحلة على "التزام الولايات المتحدة الثابت" تجاه حليفتها في اجتماع مع الرئيس فرديناند ماركوس جونيور.

انتقدت كامالا هاريس فرض الرئيس السابق دونالد ترامب رسومًا جمركيةً على الصين وهي عقوبات أبقاها بايدن

وعندما كانت هاريس مرشحةً في انتخابات عام 2020، تبنت، حسب فورين بوليسي، موقفًا تجاه الصين ينسجم تمامًا مع سياسة البيت الأبيض على مدى السنوات الأربع الماضية، التي استندت على مبدأ التنافس والتعاون في وقت واحد.

ولعلّ  نقطة الخلاف الوحيدة بينها مع ترامب حينها تمثلت في انتقادها فرض الرئيس السابق دونالد ترامب رسومًا جمركية على الصين، بينما أبقت إدارة بايدن عليها إلى حد كبير. ومع ذلك لا يرجّح الخبراء، بشكل عام، أن ينحرف نهجها تجاه الصين كثيرًا عن نهج بايدن.

الهند

كانت الهند، حسب تقرير فورين بوليسي، واحدةً من أكثر النقاط المضيئة في علاقات واشنطن الثنائية في عهد إدارة بايدن، التي طالما اعتبرتها تشكل ثقلًا موازنًا ومحوريًا للصين وشريكًا رئيسيًا في استراتيجية الولايات المتحدة الأوسع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وبرأي الخبراء، الذين تحدثوا للمجلة، فإن سياسة هاريس إزاء الهند لن تختلف كثيرًا عن سياسة بايدن، فقد حظيت العلاقة بين البلدين بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهي من الأهمية بمكان بحيث لن يطرأ عليها تغيير كبير.

فضلًا عن ذلك تتمتع هاريس بعلاقة شخصية بالهند أكثر من أي مرشح رئاسي أميركي على الإطلاق لكون والدتها، شيامالا غوبالان، هاجرت إلى الولايات المتحدة من الهند، وقد أشارت هاريس مرارًا وتكرارًا إلى تأثير والدتها على حياتها وآرائها.

السياسة التجارية

لم تكن هاريس يومًا خبيرةً تجارية، سواء في مجلس الشيوخ أو بعدما أصبحت نائبةً للرئيس. وبصورة عامة، فقد دعت، أثناء وجودها في مجلس الشيوخ وترشحها للرئاسة عام 2020، إلى رؤيةٍ في مجال التجارة مناصرة لمطالب العمال، وصديقة للبيئة وتتحلى بوعي اقتصادي وتتلاءم بشكل مريح إلى حد ما مع برامج الحزب الديمقراطي، وتتناقض بوضوحٍ مع مواقف ترامب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس السيناتور جيه دي فانس.

ولكن يرى الخبراء أنه عندما يتعلق الأمر بالصفقات التجارية، يصعب فهم هاريس بعض الشيء. فهي تقول إنها كانت ستصوت ضد اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية الأصلية (نافتا)، وهي من بنات أفكار الجمهوريين، لأنها لم تفض إلى نتائج كافية فيما يتعلق بحماية العمل والعمال والبيئة.

روسيا وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي

مثلت هاريس الرئيس جو بايدن في العديد من المؤتمرات الدولية الكبرى، بما في ذلك مؤتمر ميونخ الأمني وقمة السلام في أوكرانيا. بيد أن أداءها فيما يتصل بالعلاقات الأميركية عبر الأطلسي لا يقارن بسجل بايدن.

وفي خطابها أمام مؤتمر ميونخ في شباط/فبراير 2022، قبل 5 أيام فقط من الهجوم الروسي الواسع النطاق على أوكرانيا، قالت إن التزام الولايات المتحدة تجاه حلف شمال الأطلسي "ثابت وصارم"، واصفةً الدفاع عن الحلفاء بأنه "مقدس".

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

تعتقد فورين بوليسي أن حرب إسرائيل على غزة ربما تكون هي أبرز أزمات السياسة الخارجية الأميركية التي سترثها هاريس تشرين الثاني/نوفمبر المقبل حال فوزها.

وكما هو الحال مع قضايا السياسة الخارجية عمومًا، فإن تاريخ هاريس مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أضعف من تاريخ بايدن، الذي كان يتمتع بدرجة غير عادية من الخبرة في هذا المجال حتى قبل أن يتولى الرئاسة.

وبقراءة دقيقة لسجل هاريس في جلسات التصويت وخطاباتها العامة، تشير مواقفها إلى أنه من غير المرجح أن تُدخل تغييراتٍ ذات شأن في تعاطي واشنطن مع الحرب على غزة أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع.

وأشارت فورين بوليسي أنه منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، التزمت هاريس إلى حدٍّ كبير بسياسة إدارة بايدن، التي دافعت عما تعتبره "حق" إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما اتسمت وتيرة انتقاداتها للحملة العسكرية الإسرائيلية بالتأني والبطء في الضغط من أجل وقف إطلاق النار.

وقال فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في وزارة الخارجية، إنه في حين أنها ستواصل على الأرجح اتباع السياسة الراهنة لبايدن إزاء الصراع إلى حدٍّ كبير، فإنها قد تتبنى لهجةً مختلفةً عنه. وقد ردد هذا التصور أولئك الذين تحدثوا معها شخصيًا عن الحرب وفق تقرير فورين بوليسي.