22-أغسطس-2024
مؤتمر الديمقراطيين يتجاهل غزة

(AP) اجتجاجات مؤيدة للفلسطينيين قرب مقر انعقاد مؤتمر الديمقراطيين بشيكاغو

كانت العروض في الليلة الأولى للمؤتمر الوطني الديمقراطي لا تشوبها شائبة، وكانت الاستجابات للخطابات على أرضية المؤتمر وفي جميع الزوايا الليبرالية لوسائل التواصل الاجتماعي مبتهجة.

وعلى وقع هتافات "نحن نحب جو"، أعطى الرئيس الأميركي، جو بايدن، مباركة رجل دولة لخليفته، المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، بينما تحدثت، هيلاري كلينتون، عن تحطيم "السقف الزجاجي".

كذلك، ألقى السيناتور الديمقراطي من جورجيا، وهو قس أيضًا، رافائيل وارنوك، خطابًا رائعًا معتبرًا أن "التصويت هو شكل من أشكال الصلاة"، فيما وانتقدت النائبة من نيويورك، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، واصفةً إياه بأنه "محطم نقابات ضعيف".

كان عرض وحدة الحزب الديمقراطي مثاليًا تمامًا، مثلما كان أصمَ عما يمكن القول إنه القضية الأخلاقية الأكثر إلحاحًا في عصرنا

لكن في المقابل، كان عرض وحدة الحزب الديمقراطي مثاليًا تمامًا، مثلما كان أصمَ عما يمكن القول إنه القضية الأخلاقية الأكثر إلحاحًا في عصرنا، فإذا أغمضت عينيك، فسوف تفوتك أي إشارة إلى حرب الإبادة الجماعية التي تدعمها الولايات المتحدة، والتي تواصل "إسرائيل" شنها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وفقًا لتقرير موقع "ذا إنترسبت" الأميركي.

يقول الموقع إن حقيقة تجمع عشرات الآلاف من المحتجين المناهضين للحرب تضامنًا مع الفلسطينيين هذا الأسبوع لم تلفت انتباه المؤتمر، أول أمس الإثنين، فقد واستمر الصمت على الرغم من احتمال أن تدفع حملة هاريس ثمنًا يتجاوز نصف مليون صوت في ولايات متأرجحة رئيسية، وخاصة ميشيغان، لرفضها وقف تدفق الأسلحة إلى "إسرائيل".

وبينما كان بايدن يتحدث، رفعت مجموعة صغيرة من الحاضرين بصمت لافتة بيضاء كتب عليها "أوقفوا تسليح إسرائيل"، وأفاد بريم ثاكر من مركز شيكاغو المتحد أن هتافات "نحن نحب جو" من المتفرجين المحيطين أصبحت أعلى، وكتب ثاكر على  منصة "إكس": "ثم خفتت أضواء الاستاد فوق هذا المكان، وتم تمزيق اللافتة".

كانت الإشارات القليلة العابرة للحرب و"إسرائيل" وفلسطين في خطابات، أول أمس الإثنين، رافضة ومضللة، في حين قللت من قيمة حياة الفلسطينيين مقارنة بحياة الإسرائيليين، وقالت أوكاسيو كورتيز إن "كامالا هاريس تعمل بلا كلل من أجل وقف إطلاق النار"، وسط تصفيق حار.

قد يكون هذا صحيحًا أو لا، وفقًا لـ"ذا إنترسبت"، لكن مثل هذا النهج يتناقض مع سجل إدارة بايدن-هاريس. منذ قبول هاريس للترشيح الرئاسي، وافقت الإدارة على بيع أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لـ"إسرائيل"، دون أي شروط، لكن إذا كان هذا "عملًا بلا كلل" من أجل إنهاء القتال، فإن هاريس سيئة في عملها.

وأشار الموقع الأميركي في تقريره إلى أن الترحيب الحار بدعوات وقف إطلاق النار في قاعة المؤتمر يمكن اعتباره علامة واعدة، أو إشارة أخرى للمؤسسة الديمقراطية إلى وجود دعم شعبي لوقف إطلاق النار الدائم من قبل التيار الرئيسي، لكن هذا كان الحال منذ فترة طويلة، لا يوجد شيء مشجع في الهتاف لإشارة فارغة تجاه فكرة وقف إطلاق النار، والتي تحجب تواطؤ الإدارة في الحرب.

وأومأ بايدن برأسه للاحتجاجات أثناء إلقاء خطابه، وقال: "هؤلاء المحتجون في الشارع، لديهم وجهة نظر. يتم قتل الكثير من الأبرياء على الجانبين"، ومع ذلك، تمكن بإيماءاته تلك من تشويه المواقف التي تتمسك بها حركة التضامن مع غزة منذ فترة طويلة.

وأضاف التقرير أن المظاهرات بشأن حرب غزة، سواء على مدى الأشهر العشرة الماضية، أو هذا الأسبوع في شيكاغو، أو تنظيم مندوبين "غير ملتزمين" لحضور المؤتمر، لا تشير إلى أن الأبرياء على "كلا الجانبين" يُقتلون، إنها جزء من نضال دولي ضد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة.

في وقت سابق من يوم الاثنين، منحت اللجنة الوطنية الديمقراطية حملة "غير ملتزمين" مساحة لعقد ندوة منفصلة تركز بشكل خاص على غزة وحقوق الإنسان الفلسطينية، ووفقًا لـ"ذا إنترسبت"، حضر المئات واستمعوا إلى روايات لا تطاق من الأطباء الذين عملوا في مستشفيات غزة المدمرة، حيث يصل عدد كبير من المرضى من الأطفال المشوهين.

ويقول الموقع الأميركي إن الدكتورة تانيا حاج حسن، وهي جراحة أميركية فلسطينية عالجت المرضى في غزة، روت قصة صبي صغير فقد جميع أفراد عائلته، وقالت إنه يتمنى الموت أيضًا لأن كل من أحبهم "أصبحوا الآن في الجنة".

وقالت حاج حسن، بحسب "ذا إنترسبت"، إنه حتى الأطفال الذين تمكنت من علاجهم وإخراجهم بنجاح سيغادرون المستشفى لمواجهة الموت المحتمل بسبب القصف والجوع والجفاف، وأضافت أن هناك "تقارير مثيرة للقلق" عن أول حالات مؤكدة من شلل الأطفال في غزة.

ووصفت هالة حجازي، إحدى المتحدثات في الندوة، نفسها بأنها ديمقراطية "معتدلة" و"مخضرمة"، عملت في جمع التبرعات للحزب، وجمعت أكثر من 12 مليون دولار في الماضي. وقالت: "أنا هنا لأن عائلتي ماتت"، موضحة أنها فقدت أكثر من 100 فرد من أفراد أسرتها في الهجوم الحالي.

وقالت حجازي، التي تعمل في مجلس لجنة العمل السياسي لحقوق الإنجاب بكاليفورنيا، للجمهور إنها تقاتل من أجل الحريات الإنجابية في وطنها، "لكنني لا أستطيع مساعدة النساء في غزة الحوامل الآن".

كانت هذه التصريحات بمثابة رفض ضمني للانتقادات التي مفادها أن أولئك الذين يدفعون هاريس للالتزام بحظر الأسلحة هم ناخبون لقضية واحدة، ويهملون مجالات أخرى مثل، على سبيل المثال، التهديد لحقوق الإنجاب في الولايات المتحدة الذي تشكله إدارة ترامب الثانية.

ويضيف تقرير الموقع أنه لن يرضى المنظمون والمحتجون والأفراد المعنيون الذين جاءوا إلى شيكاغو بلجنة مؤتمر هامشية ووعود شفوية زائفة من السياسيين على المسرح الرئيسي. حتى الآن، لا يوجد في برنامج الحزب الديمقراطي المكون من 92 صفحة أي ذكر لشروط توريد الأسلحة إلى "إسرائيل"، ناهيك عن حظر الأسلحة الذي دعا إليه مندوبون غير ملتزمين، وأكثر من 200 مجموعة في الائتلاف للتظاهر في المؤتمر الوطني الديمقراطي.

واعتبر "ذا إنترسبت" أن العروض الضخمة في اليوم الأول، لم تعط أي إحساس بأن حملة هاريس المتجددة التي تغذيها الأجواء سوف تغير مسارها بشأن فلسطين، وتركز بدلًا من ذلك على الإجهاض، والتهديد الاستبدادي الذي يفرضه ترامب على الديمقراطية، وحماية العمال،  ولكن ليس في نفس اليوم الذي وصف فيه جراح في نفس مركز المؤتمرات، من بين أهوال أخرى، علاج طفل في غزة تم تفجير وجهه في غارة إسرائيلية.

ووفقًا للموقع، فإنه في وقت تشن فيه الولايات المتحدة حرب إبادة جماعية باستخدام الأسلحة الأميركية والدولارات والدعم الدبلوماسي، وهو الهجوم الذي قد يكبحه رئيس أميركي بشدة، لا يمكن للمؤتمر الوطني الديمقراطي أن يظل فقاعة قصيرة النظر وغير مثقوبة.

وأنهى "ذا إنترسبت" التقرير بالقول إنه مع استمرار وقائع المؤتمر حتى، اليوم الخميس، ستستمر الاحتجاجات أيضًا، ومن المرجح أن تستمر في ظل يأس متصاعد. وإذا قررت حملة هاريس أنها تستطيع الفوز دون الاستماع، فلن يكون هذا سببًا للاحتفال.