كشفت شبكة "CNN" الأميركية أن البيت الأبيض يدرس إرسال دفاعات أميركية إلى الشرق الأوسط، في ظل المخاوف المتزايدة من تصعيد محتمل في المنطقة قد يؤدي إلى توسع رقعة الصراع العسكري، على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، والقيادي البارز في "حزب الله" اللبناني، فؤاد شكر، في وقت سابق من الأسبوع الماضي.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد تبنى، الثلاثاء الماضي، قصفًا جويًا استهدف "حارة حريك" بالضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي للحزب في العاصمة اللبنانية، أسفر عن اغتيال شكر، بالإضافة إلى المستشار العسكري في "فيلق القدس"، ميلاد بيدي، وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارة الجوية أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن خمسة شهداء في صفوف المدنيين.
وتوّعد الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أمس الخميس، بالرد على الغارة التي استهدفت الضاحية الجنوبية قائلًا إن: "على العدو ومن هم خلف العدو انتظار ردنا الآتي حتمًا ولا نقاش ولا جدل وبيننا الأيام والليالي والميدان"، فضلًا عن توعد الحرس الثوري الإيراني برد "قاس ومؤلم" على اغتيال هنية في طهران.
قال البيت الأبيض إن واشنطن تدرس إرسال دفاعات أميركية إلى الشرق الأوسط في ظل المخاوف المتزايدة من تصعيد محتمل في المنطقة قد يؤدي إلى توسع رقعة الصراع العسكري
وبعد ساعات قليلة من إعلان جيش الاحتلال اغتيال القيادي العسكري البارز في "حزب الله" اللبناني، بضربة جوية استهدفت المبنى الذي كان يتواجد فيه في الضاحية الجنوبية، توالت الأنباء التي تفيد باغتيال هنية في مقر إقامته بطهران، في خطوة تصعيدية قد تؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة.
بايدن يدرس إرسال دفاعات أميركية للشرق الأوسط
وفي ظل استعداد الاحتلال الإسرائيلي للرد الإيراني على اغتيال هنية، والمتوقّع خلال الأيام القادمة، وسط ترجيحات أن يشارك بالرد الجماعات المسلحة المقربة من إيران في سوريا واليمن والعراق، كشفت "CNN" نقلًا عن مصادر أميركية أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يدرس إرسال دفاعات أميركية إلى الشرق الأوسط مع استعداد الولايات المتحدة للانتقام الإيراني ضد إسرائيل
وقالت الشبكة إن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ناقشت مع القيادة المركزية الأميركية التعديلات التي يجب إجراؤها على وضع القوات الأميركية في المنطقة، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي حتى ظهر، أمس الخميس، وقال المسؤولون إن الرد الإيراني قد يحدث في الأيام المقبلة.
ووفقًا لـ"CNN"، فإن مجموعة حاملة الطائرات "ثيودور روزفلت"، التي تضم حاملة الطائرات والمدمرات والسفن الحربية الأخرى، وتعمل في خليج عمان في الأسابيع الأخيرة، قد تتحرك إلى خليج عدن أو البحر الأحمر، فيما تعمل سفينة الهجوم البرمائية "واسب"، بالإضافة إلى العديد من السفن البحرية الأخرى حاليًا في البحر الأبيض المتوسط.
وتقول الشبكة الأميركية إن المجموعة تضم وحدة استكشافية بحرية قادرة على تنفيذ إجلاء المواطنين الأميركيين من لبنان إذا أمرت الولايات المتحدة بمثل هذا الإجلاء.
"إسرائيل" تستعد لأيام طويلة من القتال
من جهته، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هاغاري، أمس الخميس، إن "إسرائيل": "تعرف التعامل مع التهديدات دفاعيًا والرد بقوة هجوميًا"، مضيفًا "نجري تقييمًا متواصلًا للوضع، ودراسة مختلف السيناريوهات، والاستجابة في الجبهة الداخلية، ولدينا أنظمة دفاع جوي جيدة جدًا، وشركاء دوليين عززوا تواجدهم لمساعدتنا في التعامل مع التهديدات".
ويتوقع مسؤولون أميركيون أن يكون الهجوم الإيراني المتوقع مشابهًا لوابل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي أطلقت ضد "إسرائيل" في نيسان/إبريل الماضي، لكنهم قالوا إن هذا الهجوم قد يكون أكبر وأكثر تعقيدًا من ذي قبل، بما في ذلك إمكانية شن هجوم منسق مع الجماعات المقربة من إيران من اتجاهات متعددة.
🎥 انتهكت سيادتها وأحرجت قدراتها الدفاعية.. كيف سترد #إيران على عملية اغتيال هنية؟ pic.twitter.com/fmB8RrrfDR
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) August 1, 2024
وكان البيت الأبيض قد أشار في بيان، أمس الخميس، إلى أن بايدن بحث خلال اتصال مع نتنياهو "الجهود المبذولة لدعم دفاع إسرائيل ضد التهديدات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، لتشمل عمليات نشر عسكرية دفاعية أمريكية جديدة".
وأكد البيان التزام الولايات المتحدة "بأمن إسرائيل ضد جميع التهديدات من إيران، بما في ذلك الجماعات المقربة منها، بما في ذلك "حماس" و"حزب الله" وجماعة "أنصار الله الحوثي" اليمنية، وأضاف البيان أن بايدن "شدد إلى جانب هذا الالتزام بدفاع إسرائيل، على أهمية الجهود الجارية لتهدئة التوترات الأوسع في المنطقة".
وقالت وسائل إعلام عبرية في وقت متأخر من، أمس الخميس، إن "إسرائيل تستعد لأيام طويلة من القتال في إطار استعدادها لرد محتمل من إيران وحزب الله"، مشيرة إلى أن "سلاح الجو يزيد عدد المقاتلات التي تحوم على طول الحدود في جبهات عدة"، وأضافت أن "الجيش يجهز عشرات الطائرات على المدارج استعدادًا للدفاع والهجوم ويستنفر البوارج الحربية".
من جانبه، أكد القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني، علي باقري، أمس الخميس، في رسائل وجّهها إلى مسؤولين وجهات دولية، أن "الجمهورية الإسلامية عاقدة العزم على اتخاذ أي إجراء ضروري للدفاع عن أمنها القومي وسيادتها ضد المعتدين"، في إشارة إلى الرد الإيراني المحتمل على "إسرائيل" بشأن اغتيال هنية في طهران.
إيران تنفي صحة تقارير وسائل إعلام أميركية
في غضون ذلك، نفت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية صحة تقارير وسائل الإعلام الأميركية التي قالت إن اغتيال هنية تم عن طريق زرع عبوة ناسفة في مقر إقامته في طهران، وقالت الوكالة إن عملية الاغتيال نفذت عبر إطلاق قذيفة أدت إلى تدمير جزء من سقف المكان والنوافذ.
وأضافت الوكالة نقلًا عن مصادرها أن هنية كان متواجد في الطابق الرابع من المبنى في منطقة "زعفرانية" شمال طهران، موضحة أنه بات مؤكدًا أن "الكيان الصهيوني هو الذي خطط ونفذ هذا العمل الإرهابي"، مشيرة إلى أن "المزيد من التفاصيل سيُنشر إن اقتضت الحاجة".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز"، بالإضافة إلى موقع "إكسيوس" وشبكة "CNN"، قد ذكروا في تقارير منفصلة أن "الموساد الإسرائيلي اغتال هنية بتفجير قنبلة زرعت مسبقًا داخل غرفة نومه في مقر إقامة مسؤول حكومي إيراني في طهران"، وفقًا لما نقل "أكسيوس"، مشيرًا إلى أن "القنبلة زُرعت في الغرفة مسبقًا، وكانت عالية التقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي".
وكالة فارس الإيرانية: اغتيال إسماعيل هنية تم بقذيفة أصابت محل إقامته وأدت إلى تدمير جزء من سقفه ونوافذه pic.twitter.com/4cCTzEWJYJ
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 2, 2024
فيما قالت "نيويورك تايمز" نقلًا عن مسؤول أميركي إن "التخطيط لاغتيال هنية في طهران استغرق أشهرًا، ورقابة مكثفة للمبنى الذي اغتيل فيه"، مضيفًا أن "العبوة التي استهدفت هنية فجرت بمجرد التأكد من وجوده داخل غرفته في دار الضيافة".
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال في وقت لاحق عدم تنفيذ "إسرائيل" أي غارة جوية في الشرق الأوسط، عشية اغتيال هنية، وقال حول ذلك: "لم نهاجم إيران جوًا"، مضيفًا أنه بعد الغارة التي استهدفت الضاحية الجنوبية "لم تكن هناك غارة جوية أخرى إسرائيلية في الشرق الأوسط كله"
ضربة مزدوجة لـ"إسرائيل" في طهران
إلى ذلك، رأى الخبير بالشأن الإسرائيلي، جاكي خوري، في حديث لـ"التلفزيون العربي" أن قادة "إسرائيل" يعتبرون أن "كل قيادي في حماس سواء في المستوى العسكري أو السياسي، هو هدف بالنسبة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية".
وأضاف خوري بأن "اغتيال هنية ليس مفاجئًا، بل ما قد يكون مفاجئًا بعض الشيء هو اختيار الموقع"، مشيرًا إلى أن "صالح العاروري اغتيل في الضاحية الجنوبية في بيروت، والآن اغتيل هنية في قلب طهران بشكل مباشر، وداخل مبنى خاص بالأجهزة الأمنية أو الحرس الثوري".
وتابع مستدركًا "من الواضح أن إسرائيل نفذت ضربة مزدوجة في إيران، لتوجيه رسالة إلى قادة حماس بأنه حتى من هم في الخارج في بنك الأهداف الإسرائيلي".
من جهته اعتبر الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، معين الطاهر، أنه "من الناحية المعنوية والواقعية، ليس في كل الحالات تؤثر عمليات الاغتيال على البنية التنظيمية" لـ"حماس"، مضيفًا بأنه "علينا الاعتراف بأن عمليات الاغتيال تحمل تأثيرًا كبيرًا في كثير من الأحيان".
وأشار الطاهر في حديثه لـ"التلفزيون العربي" إلى الفراغ الذي تركه قادة مثل، صلاح الدين شحادة، وعبد العزيز الرنتيسي، والشيخ أحمد ياسين، مؤكدًا أنه لم يكن بالإمكان تعويض أمثال هؤلاء بسهولة، ومشددًا في الوقت نفسه أن تعويضهم يحتاج إلى فترة زمنية طويلة.
من جانبه، أوضح محلل الشؤون السياسية والدولية في معهد "كاتو" الأميركي، دوغ باندو ، أن "الولايات المتحدة لديها سياسة اغتيال قادة، فقد فعلت ذلك ضد طالبان والقاعدة وغيرهما من المنظمات"، وأضاف مشككًا "في وجود أي معارضة في صفوف الحكومة الأميركية تجاه هذه السياسة".
لكنه أشار أيضًا في حديثه لـ"التلفزيون العربي" إلى أنه "ربما هناك بعض القلق بشأن المكان والتوقيت"، مشددًا على "تنفيذ عملية اغتيال في طهران أمر مستفز، لكن مع ذلك فإن واشنطن لم تقم بالاحتجاج على سياسة الاغتيالات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية".