03-يوليو-2024
احتجاجات في موريتانيا

(AFP) انتخابات موريتانيا تثير موجة احتجاجات

شهدت الأوضاع في موريتانيا تصعيدًا كبيرًا مع الإعلان عن وفاة 3 أشخاص جنوب البلاد، بعد توقيفهم من قبل الأمن الموريتاني إثر مشاركتهم في موجة الاحتجاجات الرافضة لنتائج الانتخابات الرئاسية، التي التي أسفرت، حسب اللجنة المستقلة للانتخابات، عن فوز الرئيس ولد الغزواني بولاية ثانية مدتها 5 سنوات.

ويأتي الإعلان عن وفاة هؤلاء الأشخاص بالتزامن مع قيام السلطات الموريتانية بقطع خدمة الإنترنت عن الهواتف النقالة، بهدف احتواء توترات الشارع.

وفي التفاصيل، قالت وزارة الداخلية الموريتانية إن "إن مدينة كيهيدي (الواقعة في الجنوب الموريتاني وتقطنها أغلبية من القوميات السوداء) شهدت اضطرابات، ليل الإثنين الثلاثاء، إثر وقوع أعمال نهب وتخريب دفعت بقوات الأمن إلى مواجهة مثيري الشغب وتوقيف عدد منهم".

وأضاف بيان الداخلية أن اثنين ممن وصفهم بمثيري الشغب "توفيا في مكان التوقيف والثالث توفي في وقت لاحق في المستشفى"، دون أن تكشف ملابسات وفاة الأشخاص الثلاثة، في ظل اتهامات لقوات الأمن باستخدام العنف المفرط في التعامل مع المحتجين، وبالتالي ليس من المستبعد أن يكون الثلاثة توفوا تحت التعذيب أو بسبب الاختناق الناجم عن الاستخدام المكثف لمسيلات الدموع.

وكانت خدمة الإنترنت قد توقفت بالنسبة للهواتف المحمولة منذ ليلة الإثنين، ما عقّد من عمليات جمع المعلومات حول الاحتجاجات التي اندلعت بشكل مباشر مع إعلان فوز الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، الإثنين، في الانتخابات الرئاسية.

ووصف ولد اعبيد الانتخابات "بالمزورة والمتحكم فيها"، مهاجمًا بشدة "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات" التي اتهمها بالتعاون "مع المزورين في الأرياف والقرى المعزولة

ونقلت فرانس برس عن شهود عيان قولهم: "إنّ صدامات وقعت في أحياء شعبية في نواكشوط مساء الإثنين، بعد ساعات على إعلان النتائج النهائية المؤقتة التي منحت الغزواني فوزًا كبيرًا من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التي جرت السبت. ولم يحدّد هؤلاء حجم هذه الاضطرابات".

وأفاد شهود عيان آخرون أنّ الاضطرابات اقتصرت من طرف المحتجين على الأقل في العاصمة نواكشوط، على إحراق إطارات السيارات وترديد الشعارات الرافضة لنتائج الانتخابات، وأخرى مؤيدة للمرشح الذي حل ثانيًا في الانتخابات بيرام الداه اعبيد.

وكان وزير الداخلية الموريتاني، محمد أحمد ولد محمد الأمين المعروف بولد احويرثي، أدلى بتصريحات اتهم فيها ما وصفها ببعض الحركات العنصرية "المعروفة بعدائها للوحدة الوطنية وركوب الأمواج، لتحقيق أهدافها الدنيئة"، ومحسوبين على مرشح رئاسي لم يسمه "بمحاولة التشويش على أجواء الأمن والسكينة".

وقال ولد حويرثي: "إن هؤلاء مع بعض الغوغاء والانتهازيين والمراهقين المغرر بهم، حاولوا على امتداد اليوم، في بعض أحياء العاصمة، التشويش على أجواء السكينة والأمن، من خلال بعض أعمال الشغب مثل إشعال الإطارات، والتأثير السلبي على انسيابية الحركة، ومحاولة ترويع المواطنين المسالمين الآمنين، وإلحاق الضرر بممتلكاتهم" على حد وصفه.

وأضاف ولد احويرثي أنّ "الأجهزة الأمنية تصدت مبكرًا لهذه الأعمال التخريبية المدانة، وتمت السيطرة على الوضع بشكل كامل، بفضل الخطة الأمنية المحكمة"، على حد تعبيره.

وكان المرشح بيرام الداه اعبيد أعلن عن رفضه لنتائج الانتخابات، وجدد رفضه لها في مؤتمره الصحفي الذي عقده، مساء الثلاثاء، بالتزامن مع الإعلان عن وفاة 3 محتجين في مخافر الأمن، حيث دعا ولد اعبيد "الجماهير بأن تبقى متأهبة ويقظة وواقفة بكل سلمية للدفاع عن أصواتها، مؤكدًا استعداده للحوار لحل ما وصفها بأزمة البلاد السياسية والاجتماعية".

ووصف ولد اعبيد الانتخابات "بالمزورة والمتحكم فيها"، مهاجمًا بشدة "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات" التي اتهمها بالتعاون "مع المزورين في الأرياف والقرى المعزولة، حيث بدأ التصويت في بعضها قبل عشرة أيام من يوم الاقتراع"، لافتًا إلى أنه "تمكن من التفوق على مرشح النظام في المدن، وفي أماكن الوعي، أو تعادل معه، أو تقدم مرشح النظام بشكل طفيف".

وهاجم ولد اعبيد وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، مذكرًا بأنه "سبق وأن حذر الشعب منه، وأكد خطورته، وأنه من أهل الكراهية، وميال إلى القتل، وإلى العنصرية والتوتير" حسب وصفه.

واعتبر ولد اعبيد أن وزير الداخلية هو "المسير الفعلي للبلد"، مردفًا أنه "لا يرجع ذلك إلى ضعف الرئيس ولد الغزواني، لأن مساره المهني لا يقول ذلك، وإنما إلى اتكاليته وعدم حماسه للإنجاز، أو لا مبالاته بمنصب كبير كرئاسة البلاد".

وقال ولد اعبيد إن الرئيس ولد الغزواني: "ربما يسير البلاد كتسيير حضرة صوفية، حيث يتم توكيل التلاميذ للقيام بأعمال ما، ويمنحون الثقة لذلك، بناء على أن ما سيقومون به سيتوخون فيه مصلحة الشيخ"، وأكد ولد اعبيد أن "هذه الحكامة وضعت الموريتانيين أمام هذا الواقع المر؛ أي قتل المتظاهرين السلميين داخل مخافر الشرطة".

مشددًا على أن هذه التطورات "كانت متوقعة من طرفهم لأن الشعب الموريتاني وصل درجة من الوعي، وأضحى لدى كل واحد منهم خط وتيار سياسي، وهناك مجموعات وتيارات ممنوعة من الحصول على أحزاب سياسية، وترفض السلطة ترخيصها لهم".

ووصف ولد اعبيد "السلطة بأنها لا قيمة لها لدى الجماهير، ممثلًا لذلك بالشعارات المناوئة، وخصوصًا شعار زيرو "صفر" الذي لاحق المرشح ولد الغزواني".

وأضاف ولد اعبيد أن ولد الغزواني "لم يأت بما يخالف ما كان لدى معاوية ولد الطايع، لأنه لو كان كذلك، لما تم قتل شباب كيهيدي"، واتهم ولد اعبيد النظام بأنه "وضع الموريتانيين أمام الأمر الواقع، وأمام التزوير، وأمام انتزاع خمس سنوات من أعمارهم بالظلم والعدوان، مشددًا على أنه على النظام أن يفتح الحوار، محذرًا النظام من محاولة حل الأزمة بالقوة، وعبر عسكرة الشوارع، وإثارة مخاوف المواطنين بعضهم من بعض".

يشار إلى أن الرئيس الموريتاني ولد الغزواني تعهد في كلمة مصورة، يوم الإثنين، بأن يكون "رئيسًا للموريتانيين أجمعين، بدون استثناء وبدون تمييز"، كما تعهد بأن يواصل "سياسة اليد الممدودة ونهج التهدئة والتشاور والحوار مع كافة الفرقاء السياسيين خدمة للمصالح العليا للوطن".

وكانت اللجنة المستقلة للانتخابات قد أعلنت فوز ولد الغزواني بالسباق الرئاسي بحصوله على 554.956 صوتا، أي نسبة 56.12% من أصوات الناخبين الموريتانيين، وحلّ في المرتبة الثانية النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد بحصوله على 218.546 صوتا، أي نسبة 22.10%، فيما حل ثالثًا زعيم المعارضة ومرشح حزب تواصل الإسلامي حمادي سيدي المختار بـ126.187 صوتًا، أي نسبة 12.76%.

وتقاسم المراتب الأخيرة كل من المحامي والبرلماني العيد محمد امبارك بنسبة 3.57%، والمرشح با مامادو بوكاري بنسبة: 2.39%، وخلفه مباشرة طبيب الأعصاب أوتوما سوماري بنسبة 2.06%، متبوعا بالمرشح محمد الأمين المرتجي الوافي بنسبة 1%.

وفي أول رد فعل على النتائج، أعلن بيرام الداه اعبيد رفض النتائج، ودعا أنصاره للنزول إلى الشارع والتعبير عن رفضهم لتزوير إرادة الناخب الموريتاني، وبالتزامن مع هذه الدعوة، نزلت القوات الأمنية بكثافة إلى الشوارع وطوقت منزل ولد اعبيد ومقر حملته. وكان يوم الاقتراع قد شهد أيضًا استنفارًا أمنيا خوفا من وقوع أعمال شغب وفوضى.