12-أغسطس-2024
الرد الإيراني المرتقب على إسرائيل

تحدثت تقارير عن احتمال شن إيران هجومها على إسرائيل خلال الأيام القادمة (رويترز)

تواصل الولايات المتحدة إرسال المزيد من ترسانتها العسكرية إلى الشرق الأوسط، في ظل حالة التوتر التي تشهدها المنطقة مع ظهور تقارير جديدة تتحدث عن احتمال شن إيران وحلفائها هجمات على "إسرائيل" خلال الأيام القليلة المقبلة، ووسط توقعات بأن يكون الهجوم الإيراني قبل انعقاد مفاوضات وقف إطلاق النار، المقرر عقدها الخميس المقبل.

وتعيش الولايات المتحدة و"إسرائيل"، منذ نهاية تموز/يوليو الماضي، حالة من التأهب لرد إيراني محتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، في طهران، فضلًا عن توعد "حزب الله" بالرد على اغتيال القيادي البارز في الحزب فؤاد شكر، قبيل ساعات من اغتيال هنية، مما ينذر باندلاع حرب إقليمية في المنطقة.

وفي إطار نشر المزيد من أصولها العسكرية في الشرق الأوسط، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، أمس الأحد، أن وزير الدفاع، لويد أوستن، أمر بنشر غواصة الصواريخ الموجهة "يو إس إس جورجيا" في المنطقة. وأضافت الدفاع الأميركية أن أوستن أصدر أمرًا بتسريع إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس إبراهام لينكولن"، والمجموعة المرافقة لها إلى المنطقة.

أكدت الولايات المتحدة مرة أخرى التزامها باتخاذ كل خطوة ممكنة للدفاع عن إسرائيل عبر تعزيز قوتها العسكرية في المنطقة

وقال البنتاغون إن أوستن أكد في اتصال هاتفي مع وزير الدفاع في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، أن الولايات المتحدة ملتزمة: "باتخاذ كل خطوة ممكنة للدفاع عن إسرائيل، وأشار إلى تعزيز وضع القوة العسكرية الأميركية وقدراتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط في ضوء تصاعد التوتر بالمنطقة".

ووفقًا لما ذكر الموقع الإلكتروني لقيادة "قوة الغواصات الأطلسية"، فإن حاملة الطائرات "إبراهام لينكولن" المجهزة بمقاتلات "إف-35 سي" تتميز بقوتها الضاربة مع قطع أخرى تابعة لها، فيما تملك غواصة "يو إس إس جورجيا" القدرة على إطلاق الصواريخ البالستية، وهي تعمل بالطاقة النووية.

توقعات بأن يكون الهجوم الإيراني محدودًا

وفي السياق ذاته، قالت هيئة البث العامة العبرية، أمس الأحد، إن جيش الاحتلال أصدر أمرًا عسكريًا لجميع جنوده النظاميين والاحتياط المتواجدين في زيارة سياحية لجورجيا وأذربيجان يقضي بمغادرتهم هاتين الدولتين فورًا، والامتناع عن السفر إليهما "تحسبًا من انتقام إيراني".

وأوضح جيش الاحتلال أن سبب حظر السفر إلى هاتين الدولتين يعود إلى الوجود الإيراني في كلتيهما، بالإضافة إلى الحدود المشتركة الطويلة بين أذربيجان وإيران، وأضافت هيئة البث العبرية أن قياديين في الحرس الثوري الإيراني هددوا، الجمعة الماضي، بأنهم يدرسون إمكانية استهداف أهداف إسرائيلية خارج "إسرائيل".

وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، قد نقلت، اليوم الإثنين، عن مسؤولين إسرائيليين تقديرهم أن "حزب الله قرر الانتقام". وأضافت الصحيفة أن التقييم الأساسي للوضع لم يتغير، وهو: "إنهم (حزب الله) يريدون إيلام إسرائيل، ولكن لا يريدون الانجرار إلى حرب شاملة. وهذا يتوافق أيضًا مع استراتيجية إيران باستنزاف إسرائيل لفترة طويلة".

وأشار المسؤولون الذين تحدثوا إلى الصحيفة العبرية إلى أنه: "يجب أن يؤخذ هذا التقييم للوضع بحذر، لأن الأهداف التي قد يختارها حزب الله هي أهداف عسكرية، أو كتلك الموجودة في مناطق مأهولة بالسكان، الأمر الذي قد يكون مؤلمًا للغاية بالنسبة لإسرائيل. أو عندها سيتعين على المستوى السياسي أن يدفع فاتورة التهديدات، ويدفع ثمناً باهظًا من حزب الله، وأيضًا من إيران إذا اختارت الانضمام".

وكان موقع "والاه" العبري قد ذكر أن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، بالإضافة إلى سلاح الجو الإسرائيلي، يعيشان حالة من الاستنفار في ظل تقديرات تتحدث عن اقتراب الهجوم الإيراني المحتمل. ونقل الموقع عن مصدرين مطلعين أن التقديرات الاستخباراتية هذه أتت خلال الساعات الأخيرة.

وأضاف المصدران أن طهران قد تُقدم على تنفيذ ردّها "حتى قبل المفاوضات"، المقرر أن تُعقد، الخميس المقبل، وأوضح المصدران أن: "هذا يعد تغييرًا في التقييم الذي كان خلال الأيام القليلة الماضية، والذي مفاده أن الضغوط الدولية على إيران، ستمنعها من تنفيذ هجوم مباشر ضد إسرائيل".

وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن مسؤولين أمنيين أشاروا إلى أنه: "يبدو أنه (إيران) لم يتخذ قرار نهائي بعد، وأن القرار النهائي لا يزال في يد المرشد (الإيراني) الأعلى (علي) خامنئي". وأضافت الإذاعة موضحة: "التقييم الحالي لدى المسؤولين الأمنيين في إسرائيل، يشير إلى أنه من المتوقع أن يكون الهجوم الإيراني محدودًا، ولن يؤدي إلى حرب إقليمية واسعة".

رسائل أميركية باتجاهين

ورأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، عادل شديد، في حديث مع "التلفزيون العربي"، أن: "تكرار هذه الاتصالات اليومية بين وزيري الجيش الأميركي والإسرائيلي يؤكد مسألتين". ووفقًا لشديد، فإن المسألتين مرتبطتين: "بمدى حساسية المرحلة الحالية على المستوى المنطقة، ثم مدى التعاون الوثيق والاستراتيجي ما بين هذين الحليفين، والذي يكشف مدى مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة".

وفيما يخص رسائل هذا التموضع العسكري الكبير لواشنطن في المنطقة، اعتبر شديد أنه: "يفهم في اتجاهين، إما رسائل تهديد، واستخدام ما يسمى بسياسة العصا الغليظة، أو بالفعل استعداد لمخطط غير معلن بالذهاب باتجاه حرب أرادها (رئيس حكومة الاحتلال) بنيامين نتنياهو، واستطاع أن يورط الأميركي فيها في ذروة الحملة الانتخابية"، لافتًا إلى أن: "الحزب الديمقراطي الذي لا يزال يسيطر على البيت الأبيض، لا مصلحة له بالاصطدام مع نتنياهو في هذا التوقيت، ما يعزز الاحتمال القائم بتوريط الولايات المتحدة في المنطقة". 

أما بشأن الاستعدادت الإسرائيلية للرد الإيراني المحتمل، فقد أكد شديد على أنه لولا هذا الدعم والحماية الأميركية والغربية، لكان انكشف: "كم أن إسرائيل ضعيفة، وغير قادرة على مواجهة تهديدات كالتي نشاهدها الآن"، وأضاف أنه: "تبيّن هذا في الـ13 من نيسان/أبريل الماضي، والآن يتجسد أكثر، لكن في النهاية هذا يضعف إسرائيل ويحرجها"، في إشارة إلى الهجوم الإيراني الذي استهدف "إسرائيل" ردًا على قصف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق.

وأوضح شديد أن: "ما يتم نشره (حول الرد الإيراني المحتمل) في الإعلام الإسرائيلي يؤكد مسألتين، الأولى أن هناك شح بالمعلومات، وهناك حالة إرباك كبيرة لدى المؤسسة الأمنية، وهذا التخبط"، مشيرًا إلى أنه: "تارة نسمع أن الرد الإيراني بات قاب قوسين أو أدنى، وفي كل لحظة ممكن أن يحدث، وتارة نسمع أنه في الأيام القادمة".

أوضاف شديد أنه: "يشير هذا الاستعداد والإرباك في إسرائيل إلى نجاح سياسة الغموض التي يتبناها الإيراني، كما حزب الله، بحيث إدخال إسرائيل في حالة من التوتر الكبير"، وتابع أن "سياسة الغموض" هذه: "أحرجت الحكومة والمستوى العسكري والأمني أمام الشارع الإسرائيلي الذي ينتظر معلومات دقيقة من المستوى الأمني". 

وكانت صحيفة "معاريف" العبرية قد ذكرت أن نتنياهو طلب من الوزراء خلال جلسة الحكومة، أمس الأحد، عدم المشاركة في مقابلات مع وسائل الإعلام حول قضايا سياسية وأمنية، قائلًا "نحن في أيام مصيرية".