20-أغسطس-2024
بعلبك حزب الله

(AFP) رجل يرفع شارة النصر قرب صورة للقيادي فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل

قالت الوكالة الوطنية للإعلام (رسمية) في لبنان، أمس الاثنين، إن هناك عدة بلدات في قضاء بعلبك بمنطقة البقاع، شرقي لبنان، تعرضت لثلاث غارات إسرائيلية، فيما ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الغارات استهدفت مستودعات أسلحة تابعة لـ"حزب الله" اللبناني.

ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بدأ "حزب الله"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية، شن عمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية لجيش الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة، رد عليها الاحتلال بقصف قرى وبلدات الجنوب الواقعة على "الخط الأزرق" الفاصل بين جنوب لبنان، فضلًا عن شنه غارات متفرقة في عمق الأراضي اللبنانية، وصولًا إلى العاصمة بيروت.

ويقول "حزب الله" إن جبهة الجنوب المشتعلة هي "جبهة إسناد" للفصائل الفلسطينية في غزة، ويربط توقف المواجهات على الجبهة الشمالية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فيما تترقب "إسرائيل" ردًا محتملًا من "حزب الله" على اغتيال القيادي البارز، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي للحزب، نهاية الشهر الماضي.

ثلاث غارات عنيفة على بعلبك

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن بلدات في قضاء بعلبك تعرضت لثلاث غارات إسرائيلية، أمس الاثنين، مشيرةً إلى أن الغارة الأولى استهدفت محلة ضهور العيرون في سرعين التحتا، فيما أغارت الثانية على جرود النبي شيت في محلة القوز، وقصفت في الغارة الثالثة منطقة السهلية بين بلدتي تمنين التحتا وقصرنبا.

رد "حزب الله" على قصف إسرائيل لقضاء بعلبك باستهداف عدة مواقع عسكرية إسرائيلية صباح اليوم الثلاثاء

ونقل "التلفزيون العربي" عن مصادر أمنية لبنانية أن: "خمسة صواريخ أطلقت من طائرات إسرائيلية استهدفت نقاطًا في بعلبك شرقي لبنان"، وقالت الوكالة الوطنية إن القصف الإسرائيلي أسفر عن سقوط 11 جريحًا، وتمت معالجتهم جميعًا في غرف الطوارئ.

وادعى جيش الاحتلال، في بيان نشره على منصة "إكس"، أن الغارات الجوية استهدفت: "عددًا من المستودعات لتخزين الوسائل القتالية التابعة لحزب الله في منطقة البقاع في عمق لبنان"، مضيفًا أنه وقعت بعد الغارات انفجارات ثانوية تدل: "على وجود وسائل قتالية كثيرة في المستودعات المستهدفة".

وقال جيش الاحتلال في بيان منفصل إنه: "قضى بهجوم نفذته طائرة مسيرة في منطقة دير قانون على مسؤول بارز في وحدة الصواريخ التابعة لحزب الله بمنطقة يارين جنوبي لبنان".

وحتى لحظة إعداد التقرير، لم يعلق "حزب الله" على ادعاء جيش الاحتلال باستهداف مستودعات للأسلحة تابعة له في البقاع، وهذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها جيش الاحتلال غارات جوية في عمق الأراضي اللبنانية، علمًا أن منطقة بعلبك تبعد نحو 100 كم عن الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إن طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو هاجمت، اليوم الثلاثاء، منصتي إطلاق صواريخ تابعة لـ"حزب الله" في منطقتي المنصوري والطيبة جنوب لبنان.

وأعلن "حزب الله"، اليوم الثلاثاء، قصفه بصليات مكثفة من الصواريخ مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح، ومقر فوج المدفعية، ‏ولواء المدرعات التابع للفرقة 210 في ثكنة "يردن"، مشيرًا إلى أن هذا القصف يأتي في سياق الرد على استهداف منطقة البقاع، أمس الاثنين، دون أن يضيف تفاصيل أوفى بشأن طبيعة الأهداف التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي.

وأفادت القناة الـ12 العبرية باندلاع حريقين في مناطق مفتوحة في "أورطال" بالجولان المحتل جراء سقوط صواريخ من لبنان، فيما أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية إلى أن "حزب الله" أطلق منذ صباح، اليوم الثلاثاء، أكثر من 75 صاروخًا من جنوب لبنان باتجاه شمال الأراضي المحتلة.

وقالت مراسلة "التلفزيون العربي" في الجليل، كريستين ريناوي، إن صفارات الإنذار دوت في مستوطنتي "كاتسرين" و"أورطال"، شمالي الجولان المحتل، مشيرةً إلى أن بلدية "كريات شمونة" طلبت من السكان البقاء قرب الملاجئ وتقليص الحركة بعد تقييم أمني.

معادلة "الجولان مقابل بعلبك"

وأشار الصحفي في "التلفزيون العربي"، علي رباح، إلى أن هذه: "الهجمات على قضاء بعلبك كانت الأقوى منذ الثامن من (تشرين الأول) أكتوبر (الماضي)"، علمًا أن هذه: "ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها قضاء بعلبك، حيثُ كانت المرة الأولى في الـ26 من (شباط) فبراير الماضي، بعد إسقاط (حزب الله) طائرة إسرائيلية مسيّرة من طراز هيرمز 900".

وأضاف رباح أن ردًا على استهداف جيش الاحتلال في شباط/فبراير الماضي: "جاء رد حزب الله سريعًا على الجولان السوري المحتل، ثم عادت إسرائيل وقصفت بعلبك، وكرست آنذاك معادلة بعلبك مقابل الجولان، أو الجولان مقابل بعلبك".

وأوضح رباح أن القصف الإسرائيلي الذي استهدف بعلبك، أمس الاثنين، كان مختلفًا عن الهجمات السابقة، مشيرًا إلى أن: "أصوات الانفجارات في بعلبك وصلت إلى مسافات بعيدة، حتى أنها وصلت إلى البقاع الأوسط على بعد كيلو مترات عدة (نحو 38 كم)، وهو ما يتيح التخمين بأن الغارات كانت كبيرة جدًا، وأن مخازن سلاح تم قصفها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي".

واعتبر رباح أن أبرز الرسائل التي تريد "إسرائيل" إيصالها لـ"حزب الله" عبر هذا الاستهداف، أنه جاء: "بالتزامن مع مجموعة من العناصر والعوامل والأحداث"، وأضاف أن أبرز هذه الأحداث أنه تزامن بالتوقيت مع مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

ولفت رباح إلى أن بعض النخبة السياسية في لبنان اعتبروا أن هذا التزامن يعني: "ربما إسرائيل حصلت على الضوء الأخضر لمهاجمة بعض النقاط في لبنان، علمًا أن الولايات المتحدة تجاهر حتى هذه اللحظة برفض توسيع الحرب في لبنان"، لكنها أيضًا كما يرى رباح: "تشير إلى أن تصريحات، أنتوني بلينكن، (التي) قال (فيها) بأن استقدام القوات الأميركية إلى المنطقة هو لحماية أمن إسرائيل، وأن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل".

وكانت طائرات مقاتلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي قد حلقت في الأيام الماضية على ارتفاع منخفض في المجال الجوي اللبناني، حيث كسرت جدار الصوت، وحطمت النوافذ في العديد من المباني، بينما بثت طائرة بدون طيار رسالة باللغة العربية تدعو السكان في بنت جبيل، وهي بلدة في جنوب لبنان، إلى "الانقلاب" على "حزب الله"، وفقًا لما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

وتأتي الغارات الثلاث بعد أيام قليلة من نشر الإعلام الحربي التابع للحزب، اليوم الجمعة، مقطعًا مصورًا لمنشأة عسكرية في أنفاق ضخمة قادرة على استيعاب راجمات صواريخ، وأطلق عليها اسم "عماد 4"، نسبة إلى أحد قيادييه الكبار، عماد مغنية، الذي اغتيل في سوريا عام 2008.

وأظهر المقطع حجم المنشأة ومداها الكبير تحت الأرض، حيث يتجول عناصر الحزب بدراجاتهم النارية، فيما تتحرك راجمات الصواريخ داخل الأنفاق، كاشفًا عن منصات إطلاق لصواريخ بالستية مجهزة على عربات كبيرة داخل المنشأة.

وهذه المرة الأولى التي يكشف فيها الحزب عن قدراته الصاروخية، وهو ما اعتبره الخبير العسكري، إلياس فرحات، رسالة من "حزب الله"، يريد فيها: "إظهار جهوزيته ونوعية السلاح الذي يمتلكه، خصوصًا بعد أن قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إن إسرائيل قضت على نصف قدرات حزب الله".