16-يوليو-2024
البرلمان الأوروبي

(Getty) انقسم اليمين المتطرف إلى عدة أجنحة داخل البرلمان الأوروبي

حصد اليمين المتطرف 187 مقعدًا من أصل 720 في البرلمان الأوروبي، محققًا بذلك نسبةً غير مسبوقة. لكنّ عنصر المفاجأة تمثل في انقسام اليمين المتطرف على نفسه، بخلاف ما كان متوقعًا، حيث انقسم حتى اللحظة إلى 3 كتل متعارضة، وذلك رغم مساعي بعض أطرافه إلى التحالف.

ومن شأن عامل الانقسام الذي فتت الكتلة اليمينية المتطرفة إلى 3 أجزاء أن يُحجّم من مخاطرها داخل البرلمان الأوروبي الذي تطبخ فيه أكثر القرارات حيويةً بالنسبة للقارة العجوز على مستوى عملها الجماعي، خاصةً تلك المتعلقة بالمناخ وسياسة الهجرة والخيارات الاقتصادية.

3 أقطاب

انقسم اليمين المتطرف إلى 3 كتل، خلافًا لما كان متوقعًا من عمله في كتلة واحدة للتأثير على العمل التشريعي الأوروبي. وتعود أسباب هذا الانقسام إلى مجموعة من التباينات على صعيد البرامج وعلى صعيد المواقف الشخصية. فعلى مستوى البرامج، ينقسم اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي حتى على قضايا تتعلق بسياسات المناخ، التي يُظهر بعض أقطابه تماشيًا مع ما تهدف إليه المفوضية الأوروبية في الحياد المناخي للقارة العجوز.

أصرّت مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي على استبعاد "حزب البديل لأجل ألمانيا" من التكتل الذي انضمت له

أما على صعيد الحساسيات الشخصية، فظهرت جليةً في مواقف كتلة اليمين المتطرف الفرنسي من كتلة "حزب البديل الألماني"، وذلك على خلفية تصريحات أحد مرشحي الحزب الألماني (البديل)، وهو ماكسيميليان كراه، التي برّأ فيها القوات الخاصة الألمانية النازية "أس أس" (القوات الخاصة) في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

كتلة "أوروبا.. الدول ذات السيادة"

هي آخر تكتل برلماني يميني متطرف أعلن عنه، ويضم "حزب البديل لأجل ألمانيا"، و"اتحاد الحرية والاستقلال" البولندي، و"حزب النهضة" البلغاري، و"حزب الجمهورية" السلوفاكي، و"حركة وطننا" المجرية، و"حركة الحرية والديمقراطية المباشرة" من جمهورية التشيك، و"اتحاد الشعب والعدالة" (ليتوانيا)، و"حزب ريكونكيت" الفرنسي.

ويشكك هذا الحلف بقيمة الاتحاد الأوروبي، ويعلن بناءً على ذلك أنه: "يسعى إلى إعادة المزيد من السلطة إلى الدول القومية وإلى وقف أسلمة أوروبا".

وعبّر أحد مؤسسي الكتلة اليمينية المتشددة، وهو زعيم "حزب الحرية والديمقراطية" التشيكي توميو أوكامورا، عن مشروعها بالقول: "سنكافح ضد الصفقة الخضراء (خطة عمل الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ)، والهجرة وأسلمة أوروبا، وسوف نعيد السلطة من بروكسل إلى الدول القومية الأوروبية".

تحالف "الوطنيون من أجل أوروبا"

هو تحالفٌ يمينيٌ آخر، يطلق عليه البعض تحالف لوبان ـ أوربان، نظرًا للدور المحوري لزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، في تأسيسه.  

وكانت مارين لوبان قد أصرّت على استبعاد "حزب البديل لأجل ألمانيا" من هذا التكتل، ليلجأ الأخير إلى التحالف مع عدد من الأحزاب المتطرفة الصغيرة من أوروبا الوسطى والشرقية تحت مسمى "أوروبا.. الدول ذات السيادة".

ويقرأ متابعون في إصرار لوبان على إبعاد "حزب البديل من أجل ألمانيا"، محاولةً من الزعيمة اليمينية: "تسويق نفسها وحلفها على أنهما أكثر اعتدالًا من المجموعات التي يمثل البديل لأجل ألمانيا ذروة تطرفها"، خاصةً أن حلف "أوروبا.. الدول ذات السيادة" يضم حزب النهضة البلغاري المتهم بموالاة روسيا، إلى جانب إريك زمور المدان بالعنصرية.

ولا شك أن لوبان تضع في اعتباراتها الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة 2027 التي ستعتمد في خوضها على تقديم صورة أقل تشدّدًا .

كتلة الأحزاب الشعبية الأوروبية

تتزعم هذه الكتلة اليمينية رئيسة حكومة إيطاليا جورجيا ميلوني. وعلى الرغم من أنّ ميلوني سارعت لتهنئة اليمين المتطرف الفرنسي بالنتائج التي حققها في الدورة الأولى من انتخابات فرنسا التشريعية، وعبّرت عن استعدادها حينها للتحالف معه، إلا أنها لم تجسد تلك القناعة في البرلمان الأوروبي، حيث أبقت على كتلتها، التي تقدّمها، هي الأخرى، بوصفها: "أكثر احترامًا واعتدالًا، رغم ما يثار حول الماضي الفاشي لحزبها "إخوة إيطاليا".