20-أغسطس-2024
آليات الاحتلال

جنود إسرائيليون على الحدود مع غزة (رويترز)

كشفت تقارير صحفية أن فصائل المقاومة الفلسطينية أجمعت فيما بينها على أنها لن تتراجع عن الرد المسلم للوسطاء في الثاني من تموز/يوليو الماضي، المتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فيما نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن مصادر مصرية رفيعة المستوى، أن مصر و"إسرائيل" توصلتا لصيغة اتفاق بشأن محور فيلادلفيا على الحدود المصرية مع غزة، رد عليه مصدر مصري منفصل بالنفي لاحقًا.

وانطلقت جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار، الخميس الماضي، في العاصمة القطرية الدوحة، برعاية دولة قطر، بالإضافة إلى الولايات المتحدة ومصر، ومن المتوقّع أن تستضيف العاصمة المصرية القاهرة جولة ثانية من المفاوضات، غدًا الأربعاء، وصفت بأنها مفاوضات "الفرصة الأخيرة"، على حد تعبير وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

لا مجال للتفاوض من جديد

وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قد حسمت موقفها منذ اليوم الأول بعدم المشاركة في المفاوضات، مطالبةً بـ"التزام واضح من قبل الاحتلال بما جرى الاتفاق عليه في الثاني من تموز/يوليو المنصرم"، موقف انعكس في تصريحات سابقة لعضو المكتب السياسي للحركة، حسام بدران، شدد فيه على أن: "أي اتفاق يجب أن يحقق وقف إطلاق نار شامل، وانسحابًا كاملًا من غزة، وإعادة النازحين، وإعادة الإعمار إلى جانب صفقة تبادل أسرى".

حركة "حماس" وفصائل المقاومة متفقة في ما بينها على أنه لا تراجع عن الرد المُسلم للوسطاء في الثاني من تموز/يوليو الفائت

ويبدو أن موقف الحركة من المفاوضات يحظى بإجماع جميع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفقًا لما نقل موقع "العربي الجديد" عن مصادر من "حماس"، مؤكدةً أن: "الحركة وفصائل المقاومة متفقة في ما بينها على أنه لا تراجع عن الرد المُسلم للوسطاء في الثاني من تموز/يوليو الماضي"، وشددت في الوقت ذاته على أنه: "لا مجال للتفاوض من جديد، وأن المطلوب فقط آلية لتنفيذ ما اتفق عليه ووقف الحرب والذهاب إلى صفقة جادة".

وأضاف "العربي الجديد" نقلًا عن المصادر أن: "حماس كان لديها شرط بألا تقبل أي مفاوضات إلا بانسحاب كامل ووقف إطلاق نار دائم في المرحلة الأولى من الصفقة، لكنها عادت ووافقت على أن تكون الصفقة على ثلاث مراحل، والمرحلة الأولى منها ليس فيها انسحاب كامل، بل انسحاب خارج التجمعات الكبرى والمدن، وأن يناقش وقف اطلاق النار الدائم في المرحلة الثانية".

وأوضحت مصادر مواكبة لعملية التفاوض لـ"العربي الجديد"، أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد: "تراجع عن اتفاق سابق يقضي بالانسحاب من محوري صلاح الدين (فيلادلفيا) والشهداء (نتساريم)، وأعاد شرط تفتيش النازحين الراغبين في العودة إلى شمال القطاع"، لافتة إلى أن نتنياهو: "وضع قيودًا تتعلق بأعداد وأسماء من ترغب حماس في الإفراج عنهم مقابل الأسرى الذين بحوزتها، واشترط عمليات إبعاد جماعية".

إلى ذلك، انتقد القيادي في الحركة، أسامة حمدان، تصريحات الوزير بلينكن التي أشار فيها إلى قبول نتنياهو مقترحًا محدثًا بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، أن الحركة لا تحتاج: "إلى مفاوضات جديدة ولا أفكار جديدة، وهناك مقترح وافقنا عليه، ونحتاج إلى تطبيقه ويستند إلى مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن أيضًا".

نتنياهو سيرسل فريق التفاوض إلى القاهرة

في الأثناء، نقل موقع "تايمز أوف إسرائيل" العبري عن مسؤول إسرائيلي لم يسمه، أن نتنياهو: "أبلغ بلينكن في اجتماعهما (أمس الإثنين) أنه سيرسل كبار المفاوضين إلى قمة في القاهرة هذا الأسبوع، وسيقود الفريق رئيس الموساد ديفيد برنياع، ومدير الشاباك رونين بار، والمسؤول عن ملف المفقودين في الجيش الإسرائيلي نيتسان ألون".

لكن مسؤول إسرائيلي آخر أكد لموقع "أكسيوس" الأميركي أنه: "ليس مهمًا ما إذا كان (بنيامين) نتنياهو سيرسل فريق التفاوض، لكن المهم ما إذا كان سيمنحهم تفويضًا واسعًا بما يكفي للتوصل إلى اتفاق".

وكان "أكسيوس" قد نقل عن مسؤوليّن إسرائيليّين رفيعي المستوى، قولهما: "أطلع فريق التفاوض التابع لـ(بنيامين) نتنياهو، يوم الأحد (الماضي) على أنه إذا منحهم المزيد من مساحة المناورة، فقد يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق"، وأضافا أن نتنياهو "رفض التراجع ووبخهم على الاستسلام".

وأشار "أكسيوس" نقلًا عن مصدر لم يسمه، إلى وجود: "عقبتان رئيسيتان في المحادثات: احتفاظ إسرائيل بالسيطرة العسكرية على ممر فيلادلفيا على الحدود بين مصر وغزة، والثانية إنشاء آلية لمنع تهريب الأسلحة من جنوب غزة إلى الشمال"، مشيرًا إلى رفض "حماس" للمطلبين.

وأضاف المصدر موضحًا أن: "الجانب الإسرائيلي قدم خلال المحادثات، بناءً على أوامر نتنياهو، خريطة أظهرت أن إسرائيل قلّصت بعض قواتها، لكنها ما تزال تنشرها على طول ممر فيلادلفيا"، مشيرًا إلى رفض القاهرة لهذه الخطة.

من جانبه، قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني نقلًا عن ثلاث مصادر مصرية رفيعة المستوى إن الاحتلال الإسرائيلي طرح خيارين مرتبطين بمحور فيلادلفيا، مشيرًا إلى أن الخيار الأول يتمثل بأن يحافظ الاحتلال على قواته على الأرض، أما الخيار الثاني فإنه يقترح استبدال جيش الاحتلال بحاجز تحت الأرض، ومعدات مراقبة إلكترونية، ودوريات عرضية.

وأضاف الموقع البريطاني نقلًا عن المصادر ذاتها أن مصر قالت إنها ستوافق على الخيارين إذا وافقت الفصائل الفلسطينية، وخاصة "حماس"، على ذلك. فيما نقل "ميدل إيست آي" عن مصدر في الحركة قوله إن: "حماس لم تكن على علم بما اتفق عليه الاحتلال ومصر".

في السياق، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" الخاصة المصرية عن مصدر أمني رفيع المستوى أنه "لا صحة شكلًا وموضوعًا لما تناولته وسائل إعلام إسرائيلية من موافقة مصر على بقاء القوات الإسرائيلية في معبر فيلادلفيا".

تفاصيل المقترح الأميركي الجديد

وكانت مصادر خاصة قد أطلعت "التلفزيون العربي" على تفاصيل المقترح الأميركي الجديد لوقف إطلاق النار، وأوضحت المصادر أن المقترح الجديد يجعل وقف إطلاق النار الدائم بندًا للتفاوض في المرحلة الثانية، إضافةً إلى أنه ينص على مناقشة وقف إطلاق النار ضمن سقفٍ محدد، ويربط عمليات الإغاثة بموافقة كل الأطراف على شروط الاتفاق.

وأشارت المصادر إلى أن المقترح ينص على إجراء مباحثات تقنية بشأن محور فيلادلفيا، وإيجاد آلية رقابة لعودة النازحين إلى شمالي قطاع غزة، وأن التفاوض على عمليات إعادة الإعمار سيكون في المرحلة الثانية من الاتفاق.

وقالت المصادر إن "إسرائيل" رفعت عدد الأسرى الذين تطالب بإبعادهم إلى 150 أسيرًا، فضلًا عن أن المقترح الجديد لا ينص انسحابٍ إسرائيلي من القطاع في المرحلة الثانية.

وقد تتضمن مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمته الإدارة الأميركية في الثاني من تموز/يوليو الماضي، وحظي بموافقة فصائل المقاومة الفلسطينية التي تؤكد التزامها به، وقفًا للعمليات العسكرية بشكل دائم في المرحلة الثانية، بالإضافة إلى انسحاب كامل لجيش الاحتلال من محور فيلادلفيا، والسماح لسكان غزة بالعودة إلى مناطقهم في المرحلة الأولى من الاتفاق.

كما تتضمن الاتفاق ذاته أيضًا أن يتم انسحاب جيش الاحتلال بشكل كامل من القطاع في المرحلة الثانية، وأن تدخل قوافل الإغاثة الطبية والمساعدات الإنسانية إلى القطاع في اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق، إضافة إلى الشروع في التخطيط والترتيب لعمليات إعادة الإعمار الشاملة للمنازل والبنية التحتية في المرحلة الأولى.

وشبّه الكاتب الصحفي المتخصص بالشؤون الأميركية، عبد الرحمن يوسف، في حديث لـ"التلفزيون العربي"، المقترح الأميركي الجديد بـ"فكرة تساقط الثمار"، مشيرًا إلى أن هذه الفكرة: "هي الفكرة الجوهرية للرأسمالية المتوحشة التي تعد في جوهرها الفقراء والضعفاء بأنهم يسلموا أمور عملهم ومدخراتهم لمن هم أقوى منهم على أسس وعود مستقبلية، لكن نحن نعلم النتائج مسبقًا بما يتعلق بهذه الوعود".

وأضاف يوسف أن الفارق الجوهري ما بين مقترح الثاني من تموز/يوليو والمقترح الجديد هو: "فكرة الوعود بالأمل الكاذب، بمعنى أننا سنتفاوض في المرحلة الثانية على وقف إطلاق النار و(إعادة) الإعمار".

وأوضح الكاتب بالمتخصص بالشؤون الأميركية أن: "التفاوض على (إعادة) الإعمار يعني أنها (واشنطن) تقوم بعملية إجرامية، إنها تفاوض على الماء والغذاء الضروري الذي هو من حق الأسير، وحق المدنيين في أي منطقة حرب مقابل أن يتم تنفيذ الاتفاق، بمعنى المساومة على الحقوق الإنسانية الأصلية، وهذه نقطة إجرامية، لكن بطبيعة الحال يتم إخراجها دبلوماسيًا"

واعتبر يوسف أن المقترح الأميركي: "متماشي مع تصريحات (بنيامين) نتنياهو بأنه يريد أن يخرج أكبر عدد من (المحتجزين) الأحياء في المرحلة الأولى، لأنه لا يعنيه الرفاة (جثث المحتجزين الذين قتلوا في غزة) بشكل كبير"، وتابع مضيفًا أن نتنياهو: "يريد أن يقتنص في المرحلة الأولى أكبر قدر من العناصر المؤثرة أو الأشخاص المؤثرين في الأسر، ولا يعطي الفلسطينيين أي شيء، ثم يذهب بعد ذلك إلى التفاوض والمماطلة".