05-سبتمبر-2024
رسائل متناقضة

(GETTY) جنود إسرائيليون على دبابة عسكرية في قطاع غزة

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن "إسرائيل" أبلغت الوسطاء استعدادها الانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يكون على ثلاث مراحل، الأمر الذي أربك فريق التفاوض نتيجة التصريحات المتناقضة لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي يصر على بقاء جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا كجزء من أي اتفاق.

وكانت هيئة البث العبرية قد رجّحت أن ينشر الوسطاء، غدًا الجمعة، مقترح "حل وسط" يؤدي للتوصل إلى اتفاق بين "إسرائيل" وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشأن وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى، في الوقت الذي يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية في مختلف أنحاء القطاع للشهر الـ11 على التوالي.

رسائل نتنياهو المتناقضة

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن كبير المفاوضين الإسرائيليين، أبلغ الوسطاء أن "إسرائيل" مستعدة لسحب جميع قواتها من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الثانية من اتفاق من ثلاث مراحل مقترح، ووفقًا لمسؤول مصري فإن "إسرائيل" ستسحب قواتها من نصف المحور خلال المرحلة الأولى من الاتفاق.

يقوم رئيس حكومة الاحتلال بإرسال إشارات مختلفة للمفاوضين والرأي العام الإسرائيلي وهو ما تسبب بإحباط رئيس الموساد ديفيد برنياع

وأضافت الصحيفة الأميركية نقلًا عن مسؤول إسرائيلي والوسطاء، أن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، ديفيد برنياع، هو من أبلغ الوسطاء بهذه الرسالة، الإثنين الماضي، ونقلت عن مسؤول مطلع على المفاوضات أن نتنياهو كان "يرسل إشارات مختلفة للمفاوضين والرأي العام الإسرائيلي.. هذا هو الحال منذ فترة، ومن هنا يأتي إحباط بارنياع".

وقال مسؤول إسرائيلي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب طبيعة المفاوضات الحساسة، إنها "ليست المرة الأولى التي تكون فيها اختلاف بين الرسالة الداخلية والرسالة الخارجية"، وتابع مضيفًا أن "هناك بعض المسؤولين الذين لا يعتقدون أن الصفقة ستتجاوز المرحلة الأولى، إذا حدثت".

وذكر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أمس الأربعاء، أن "إسرائيل" أصرت على الاحتفاظ ببعض قواتها خلال المرحلة الأولى في أجزاء من محور فيلادلفيا التي تقول إنها لا تلبي تعريف "المناطق ذات الكثافة السكانية العالية"، مشيرًا إلى أن القضية هي حاليًا موضوع مفاوضات.

لكن مسؤول مصري سابق رأى أن "إسرائيل" تريد "استغلال المرحلة الأولى" لإبرام صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين لدى "حماس" في غزة، وبعد أن تتم صفقة التبادل، ستقول في المرحلة الثانية إنها لن تستمر في وقف إطلاق النار، موضحًا ذلك بقوله: "هذا ما نتوقّعه".

وتوقّع المسؤولون الأميركيون أن فترة الهدوء لمدة ستة أسابيع، المقترحة في المرحلة الأولى من الاتفاق، قد تخلق ظروفًا لدى الجانبين تجعل من الصعب استئناف الأعمال العدائية، وقد تضع ضغوطًا لتقديم تنازلات.

من جانبها، قالت القناة الـ13 العبرية الخاصة، إنه "من المتوقّع أن يقدم الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال الأيام القليلة المقبلة الخطوط العريضة التي يسميها الأميركيون: المقترح الأخير"، وأضافت نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمهم أن المقترح الأميركي "سيتضمن انسحابًا من فيلادلفيا غرب معبر رفح، وسيتطلب المزيد من المرونة من جانب نتنياهو".

نتنياهو يعيد تأكيد السيطرة على محور فيلادلفيا

وفي تصريحات تؤكد ما ورد في تقرير "واشنطن بوست"، أعاد نتنياهو التأكيد، أمس الأربعاء، في مؤتمر صحفي أنه "إذا غادرت (الاحتلال الإسرائيلي) محور فيلادلفيا، فمن المستحيل منع حماس ليس فقط من تهريب الأسلحة، ولكن أيضًا من تهريب (المحتجزين) المختطفين إلى الخارج. نحن بحاجة إلى شيء للضغط عليهم لإطلاق سراح المختطفين".

وأضاف نتنياهو مشددًا في حديثه على أنه "يجب أن تكون غزة منزوعة السلاح، ولن يكون الأمر كذلك إلا إذا ظل محور فيلادلفيا تحت السيطرة الإسرائيلية، ولا يكون خط إمداد لحماس بالذخيرة والأسلحة".

وادعى نتنياهو أن "حماس ستوافق على الصفقة عندما تشعر بالضغط العسكري كما كان الحال في الصفقة الأولى"، زاعمًا أن "من يعرقل الصفقة ليس أنا ولا إسرائيل، بل حماس و(رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى) السنوار".

وفي أجابته عن سؤال إذا ما قدم وعدًا لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بأن "إسرائيل" ستنسحب في مرحلة ما من محور فيلادلفيا، قال نتنياهو: "اتفقنا على تقليص عدد الجنود على طول المحور، ولسنا بحاجة إلى فرقة كاملة هناك".

وأضاف نتنياهو: "اتفقنا على بدء المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار ويجب أن تتضمن شروطنا وضعًا يصبح فيه محور فيلادلفيا غير قابل للاختراق. على أحدهم أن يكون هناك، لا يهمني من".

وتابع مستدركًا في حديثه: "أحضروا جهة ما تظهر لنا ليس على الورق أو بالكلمات، لكن في الميدان، يومًا بعد يوم، وأسبوعًا بعد أسبوع، أنها تستطيع منع تكرار ما حدث، ونحن منفتحون على النظر في ذلك".

من جانبه، أكد القيادي في "حماس"، أسامة حمدان، أمس الأربعاء، في حديث لـ"التلفزيون العربي"، أن الحركة لا تعتقد أنها بحاجة إلى مقترحات جديدة بشأن صفقة وقف إطلاق النار في غزة، مشيرًا إلى أنه "طرح الوسطاء أفكارًا محددة في أكثر من مرة، وقبلت الحركة هذه الأفكار، وكان الاحتلال هو من يتراجع عن الموافقة رغم أن الأفكار كانت تصاغ بعد التشاور معه".

وشدد على أن المفاوضات تحتاج إلى أن "تظهر الإدارة الأميركية إرادة وجدية في وقف العدوان، وإلزام الاحتلال بما تقدمه هي من أفكار، وترجمته بقرار في مجلس الأمن"، مؤكدًا أنه "إذا لم تكن الإدارة الأميركية قادرة على إلزام الإسرائيلي، فهناك سؤال يطرح نفسه ما هو مبرر طرح أفكار جديدة طالما أنه في نهاية المطاف لا يمكن إلزام الإسرائيلي بها".

وفي رده عن سؤال مرتبط بانسحاب جيش الاحتلال من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من الاتفاق، رأى حمدان أن "طرح الانسحاب في مرحلة لاحقة هو عمليًا تراجع عن ما تم طرحه والاتفاق عليه من جهة، واعتبر أنه أيضًا "إعطاء فرصة جديدة للمناورة في قضايا أخرى قد يعيد الإسرائيلي طرحها من جديد، وتجد الإدارة الأميركية مبررات إضافية لتقول إن علينا أن نفكر من جديد"، مشددًا على موقف الحركة الثابت من انسحاب جيش الاحتلال من محور فيلادلفيا في نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق.

53 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون التخلي عن محور فيلادلفيا

إلى ذلك، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" الخاصة عن مصدر مصري رفيع المستوى، أن "ترويج رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) لتهريب السلاح من مصر أكذوبة أخرى لتبرير فشل حكومته في السيطرة على تهريب السلاح من إسرائيل إلى قطاع غزة".

وأشار المصدر إلى أن نتنياهو "يمهد من خلال ادعاءاته بتهريب السلاح من مصر لإعلان فشله الأمني والسياسي وعدم العثور على المحتجزين أو تحقيق أي انتصار عسكري بغزة والضفة الغربية المحتلة"، لافتًا إلى "استياء كل الأطراف من استمرار رئيس وزراء إسرائيل في إفشال الوصول لاتفاق هدنة".

واعتبر المصدر أن تصريحات نتنياهو تمثل "رسالة استباقية لواشنطن برفضه أي مقترحات لوقف إطلاق النار، وإجهاض لكل الجهود المبذولة للتهدئة والإفراج عن المحتجزين والأسرى".

وكان نتنياهو قد زعم في تصريحات صحفية، الإثنين الماضي، أنه "في اللحظة التي غادرنا فيها ممر فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، لم يكن لديها (مصر) أي حاجز أمام التسلل الهائل للأسلحة والمواد الحربية والآلات اللازمة لتصنيع الصواريخ، والآلات اللازمة لحفر الأنفاق".

وأضاف أنه إذا انسحبت "إسرائيل" من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى من صفقة محتملة "قد يتم تهريب (المحتجزين) الرهائن إلى سيناء إنها مسافة أمتار ويختفون، ويمكن أن يظهروا مجددًا في إيران أو اليمن، وبأي حال من الأحوال، هذا فخ رهيب ليس مسألة عسكرية تكتيكية بل سياسية"، على حد تعبيره.

وقال ستطلاع للرأي أجراه معهد "قنطار" لصالح هيئة البث العبرية، أمس الأربعاء، إن 53 بالمئة من الإسرائيليين المستطلعين يؤيدون التخلي عن السيطرة الأمنية على محور فيلادلفيا للتوصل إلى صفقة مع "حماس" لإعادة المحتجزين في غزة.

وفي مقابل ذلك، فإن 29 بالمئة فقط من الإسرائيليين يعتقدون أنه من الضروري إبقاء السيطرة على المحور "رغم الثمن الباهظ لتفجير الصفقة"، بينما قال 18 بالمئة إنهم لم يكونوا رأيًا بعد بشأن الموضوع.