11-سبتمبر-2024
جنوب لبنان

آليات لجيش الاحتلال متوجهة إلى الحدود اللبنانية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي (رويترز)

أعاد وزير الأمن في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يوآف غالانت، التأكيد مجددًا على أن جيش الاحتلال يقوم بنقل "مركز الثقل" إلى شمال الأراضي المحتلة، في إشارة إلى احتمالية تصعيد الاحتلال عسكريًا في جنوب لبنان، وذلك على خلفية تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين بين حكومة الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد صرح مؤخرًا أنه أعطى تعليماته لجيش الاحتلال "بالاستعداد لتغيير الوضع الراهن (في الشمال)"، مؤكدًا أنه "لا يوجد احتمال لاستمرارنا بهذا الوضع، ونحن ملزمون بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم بأمان".

جيش الاحتلال ينقل مركز الثقل إلى الشمال

وفي التفاصيل، نقلت وسائل إعلام عبرية، عن غالانت قوله في نهاية تمرين يحاكي القتال البري في الأراضي اللبنانية، أمس الثلاثاء: "نقوم بنقل مركز الثقل نحو الشمال عشية استكمال المهام في الجنوب (قطاع غزة)"، مضيفًا: "رأيت الكثير من الجنود الذين ظنوا أننا كنا نتحدث فقط، وبعد أسبوع التقيتهم في الميدان. نحن نعرف متى نقوم بتفعيلكم".

خاطب غالانت جنود الاحتلال بالقول: "رأيت الكثير من الجنود الذين ظنوا أننا كنا نتحدث فقط، وبعد أسبوع التقيتهم في الميدان. نحن نعرف متى نقوم بتفعيلكم"

وتابع غالانت في كلمة له أمام جنود من "اللواء 9": "نحن نقترب من استكمال مهامنا في الجنوب، لكن أمامنا هنا (على الجبهة اللبنانية) مهمة لم تُنفذ، وهي تغيير الوضع الأمني في الشمال، وإعادة السكان إلى منازلهم. عليكم أن تكونوا مستعدين وجاهزين لتنفيذ هذه المهمة".

وأضاف غالانت: "نحن ننهي تدريب القوات بأكملها، من السرايا حتى القيادة، على العمليات البرية بجميع جوانبها. هذا الشيء عبارة عن سهم مُجهز وجاهز للعمل، وسنعرف متى نقوم بتفعيله. وسوف تقومون بكل ما يجب القيام به. استغلوا الوقت كما يجب، لأنه بمجرد وصول ذلك، سيحدث الأمر".

وكان غالانت قد أكد خلال جلسة نقاش للتفكير الاستراتيجي مع رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، وكبار أعضاء المؤسسة الأمنية، نهاية الشهر الماضي، أن مهمة جيش الاحتلال "على الجبهة الشمالية واضحة، وهي إعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم".

وتابع مضيفًا أنه: "من أجل تحقيق هذا الهدف، نحن مطالبون بتوسيع أهداف الحرب، لتشمل العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم"، مشيرًا إلى ذلك بقوله "سنعرض هذا الاقتراح بعد صياغته على رئيس الوزراء و(مجلس الوزراء المصغّر) الكابينت".

وكان هليفي قد أعلن خلال جولة تفقدية في هضبة الجولان السوري المحتل، الجمعة الماضي، أن جيش الاحتلال "يركز على القتال في مواجهة حزب الله، ويستعد لاتخاذ خطوات هجومية داخل أراضي العدو"، في إشارة إلى لبنان، وفقًا لبيان صادر عن جيش الاحتلال.

وتشير تقديرات مصلحة الضرائب الإسرائيلية، إلى أن الأضرار المباشرة التي لحقت بالممتلكات فقط في المناطق الشمالية وصلت إلى حوالي مليار شيكل، ما يعادل 5.5 مليار دولار تقريبًا، ووفق معطيات مديرية "الأفق الشمالي" في وزارة الأمن في حكومة الاحتلال، هناك حتى اليوم ما يقارب 1400 عقار متضرر في المستوطنات الواقعة على بعد تسعة كيلومترات من الحدود اللبنانية.

وبحسب مصلحة الضرائب، فإن 52 بالمئة من هذه العقارات عبارة عن منازل وشقق، والباقي عبارة عن مبانٍ فارغة ومبانٍ عامة، بالإضافة إلى حظائر زراعية وأقفاص دجاج وبنية تحتية وشركات، وتشمل البيانات فقط الضربات المباشرة للمباني، لكنها لا تشير إلى الأضرار غير المباشرة.

ثلاثة سيناريوهات محتملة

إلى ذلك، قالت وسائل إعلام عبرية إن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة يمكن أن يلجأ لأحدها الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، ويأتي في مقدمة هذه السيناريوهات، توقعات الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور، المرتبطة باحتمال "ألا يكون أمام إسرائيل سوى خيار الذهاب لمواجهة مباشرة".

وضمن هذا السياق، رجح عميدرور حدوث ذلك "إذا لم يستجب حزب الله للمطالب الأميركية، وأهمها عودة قواته إلى ما وراء نهر الليطاني (جنوبي لبنان)، وإذا استمر في نهجه الحالي الذي يمنع عودة سكان الشمال (الإسرائيلي) إلى منازلهم".

وأضاف المسؤول الإسرائيلي السابق أن: "الطرفين (إسرائيل وحزب الله) يعيان تمامًا أن حربًا واسعة في الشمال ستكلفهما أثمانا باهظة، فالحديث يدور عن حرب صعبة جدًا ومدمرة، ومناطق في العمق الإسرائيلي ستكون في مرمى قذائف وصواريخ حزب الله".

من جانبها، ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أول أمس الاثنين، أن "مسؤولين في القيادة الشمالية للجيش يقولون إنهم رصدوا استعدادات حزب الله لخوض قتال طويل الأمد مع إسرائيل، في حال انهيار المفاوضات بشأن غزة".

أما السيناريو الثاني، فإنه يدور في إطار بقاء الوضع على ما هو عليه منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر إلى حين التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في غزة، وفقًا لما نقلت وكالة "الأناضول" التركية عن صحيفة "هآرتس".

وبحسب الصحيفة العبرية، فإنه "بعد مرور نحو من عام منذ إجلاء سكان شمال إسرائيل، فإن عودتهم إلى ديارهم لا تبدو قريبة"، وأضافت أنه: "لم يحدد مجلس الوزراء الأمني (الكابينت) رسميًا عودة سكان الشمال كأحد أهداف الحرب، ولا يظهر احتمال القتال مع حزب الله إلا ضمنيًا في الأهداف الرسمية التي حددها المجلس".

في حين يعتمد السيناريو الثالث على التوصل إلى حل دبلوماسي بين "إسرائيل" ولبنان، بوساطة أميركية، ووفقًا لهيئة البث العبرية، فإن "الإدارة الأميركية بدأت بلورة خطة بديلة لحل دبلوماسي في الجبهة الشمالية، في ظل الطريق المسدود الذي آلت إليه المفاوضات مع حماس".

وأضافت الهيئة العبرية، أن "مسؤولين إسرائيليين قالوا لنظرائهم الأميركيين إن إسرائيل لا يمكنها انتظار المزيد قبل أن تبدأ عملية عسكرية (في الشمال)، وليس واضحًا كم من الوقت يمكن الانتظار لحل دبلوماسي".

ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بدأ "حزب الله"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية، شن عمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية لجيش الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة، رد عليها الاحتلال بقصف قرى وبلدات الجنوب الواقعة على "الخط الأزرق" الفاصل مع جنوب لبنان، فضلًا عن شنه غارات متفرقة في عمق الأراضي اللبنانية، وصولًا إلى العاصمة بيروت.

ويقول "حزب الله" إن جبهة الجنوب المشتعلة هي "جبهة إسناد" للفصائل الفلسطينية في غزة، ويربط توقف المواجهات على الجبهة الشمالية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.