18-أغسطس-2024
الرد الإيراني على اغتيال هنية

لماذا تأخرت إيران في ردّها على إسرائيل؟ (أويل برايس)

يدفع تأخر الرد الإيراني البعض إلى الحديث عن عدم جدية إيران في الرد، وأنها تعوّل على جني أكبر قدرٍ من التعاطف والمصالح عبر التلويح بالرد العسكري على إسرائيل، فيما يرى آخرون أن تأخره جزءٌ من "الحرب النفسية باهظة التكلفة" على إسرائيل التي تترقب الرد بين الفينة والأخرى، وتبحث بموجب ذلك عن مخارج لتفاديه قد يكون من بينها وقف الحرب على غزة.

وقد تصدّى موقع "أويل برايس" الأميركي للإجابة عن سؤال لماذا لم تردّ إيران حتى اليوم على اغتيال هنية من طرف إسرائيل وسط عاصمتها؟

معضلة التنسيق

ذكّر "أويل برايس" بتهديدات إيران المبكرة بالانتقام من إسرائيل، ومن بينها تهديدٌ من المرشد الإيراني علي خامنئي. وبحسب الموقع الأميركي، فإنّ الهجوم الإيراني أو هجوم حزب الله كان وشيكًا خلال الأسبوعين الماضيين، وقد أدى هذا التوقع إلى "نوبات متكررة من الهستيريا على وسائل التواصل الاجتماعي" بحسب التقرير.

يرى مراقبون فكرة أن إيران تؤجل انتقامها من إسرائيل لأنها تتطلع إلى التأثير النفسي الذي تحدثه، هي عذر أكثر من كونها إستراتيجية مناسبة

ونقل "أويل برايس" عن محللين قولهم إن فكرة أن إيران تؤجل انتقامها، لأنها تتطلع إلى التأثير النفسي الذي تحدثه، هي عذر أكثر من كونها إستراتيجية مناسبة.

وأضاف الموقع أنّ هناك إجماعًا بين المحللين على أن المناقشات الداخلية المكثفة، وتعقيد التنسيق مع الوكلاء، وتقييم المخاطر المرتبطة بالهجوم، ساهمت جميعها في تردد إيران.

وفي هذا الصدد يقول راز زيمت الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "إن إيران تواجه معضلةً كبيرة، لأنه بينما يريد خامنئي والحرس الثوري الإيراني استعادة الردع الإيراني تجاه إسرائيل، هناك عناصر في إيران تخشى أن يؤدي هجوم واسع النطاق إلى جر طهران إلى حرب مع إسرائيل، وربما حتى مع الولايات المتحدة".

وأضاف زيمت أنه: "حتى لو تم اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد الإيراني، فإن التنسيق مع حزب الله وأعضاء آخرين في محور المقاومة عملية تستغرق وقتًا طويلًا"، على حدّ تعبيره.

الردع الأميركي

ومن العوامل الأخرى التي من المحتمل أن تؤثر على عملية صنع القرار في إيران "تعزيز الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة أكثر مما فعلت في نيسان/إبريل الماضي قبل هجوم إيران غير المسبوق بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل".

وبحسب مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في شركة لو بيك للاستشارات الدولية التي يوجد مقرها البحرين، فإن "المنطقة ربما تشهد ردًّا أكبر من الولايات المتحدة مما حدث في نيسان/إبريل، وربما يهدف إلى أن يكون في حجم التهديد الإيراني الأكبر من هجوم نيسان/إبريل، خاصةً أن أميركا أرسلت للمنطقة أصولًا هجومية بالإضافة إلى أصولها الدفاعية وهي رسالة للردع".

التحركات الديبلوماسية

على الرغم من إعلان المسؤولين الإيرانيين رفضهم دعوات الدول الغربية إلى ضبط النفس، وإصرارهم المستمر على أن لإيران حقًّا مشروعًا في الرد على مقتل إسرائيل هنية على الأراضي الإيرانية. فإن موجة المكالمات الهاتفية التي أجريت مع الرئيس الجديد مسعود بزشكيان ووزير الخارجية بالإنابة علي باقري كاني أثارت تكهناتٍ بأن محاولات الدبلوماسية ساعدت في تأخير الهجوم ويمكن أن تمنعه.

لا يرى مايكل هورويتز أنّ الطرق الدبلوماسية وحدها كافية لتغيير الحسابات الإيرانية، معتبرًا أنّ إيران ستفعل ما تشعر أنه في مصلحتها الأفضل، بغض النظر عن الدعوات والتصريحات التي تحث على ضبط النفس.

لكن الموقع الأميركي لفت الانتباه إلى أن إيران أشارت لنوعٍ مختلف من الدبلوماسية يمكن أن يُقنعها على الأقل "بتأجيل" هجومها الموعود، وهو وقفٌ دائم لإطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفي هذا السياق يرى كبير الباحثين في معهد جنيف للدراسات العليا فرزان ثابت، أن إيران "ربما تبحث عن مخرج لتبرير ردٍّ مخفف، وأن نوعًا من وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يكون مجرد انتصار دبلوماسيٍ تحتاجه للقيام بذلك".

لكن الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، راز زيمت، يرى أنّ وقف إطلاق النار في غزة ربما لا يكون مهمًّا لإيران، وإن كان يوفر لطهران "ذريعةً أو تفسيرًا لإضفاء الشرعية على هذا التأخير، داخليًا وخارجيا في الغالب" على حدّ تصوره.

ومع ذلك من المرجح أنّ وقف إطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى قيام إيران إما بتقليص حجم هجومها، أو اختيار طريقةٍ مختلفة للرد تمامًا لا تنطوي على توجيه ضربة مباشرةٍ إلى إسرائيل.

وتخلص القراءة التحليلية التي قام بها موقع أويل برايس إلى القول إن "الغموض حول متى يتم الرد؟ وكيف سترد إيران؟ لا يزال سائدًا ولكن حسب ما هو واضح، لا يبدو أن لدى طهران أي خيارٍ جيد، أو متوازن".

مضيفًا على لسان أحد المحللين أنّ "لغز إيران يكمن في توجيه ضربةٍ انتقامية ليست ضعيفةً بحيث لا يكون لها قيمة رمزية أو رادعة تذكر، لكنها ليست قويةً لدرجة تسبب دورة تصعيد غير منضبطة تؤدي إلى حربٍ أكبر".

وعليه فإنّ "لدى إيران إمّا ردّ ضعيف أو ردّ يتجاوز عتبة الحرب، وكلا الخيارين ينطوي على مخاطر".